تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

مساحة للتجديد أم قفص من حديد: هل يسقط أحمد مكي أسيرًا لـ “الكبير أوي” كما سقط قبله محمد سعد لـ “اللمبي”؟

مساحة للتجديد أم قفص من حديد: هل يسقط أحمد مكي أسيرًا لـ "الكبير أوي" كما سقط قبله محمد سعد لـ "اللمبي"؟ أراجيك تقرير تحليلي نقدي رمضان 2023
نهلة أحمد مصطفى
نهلة أحمد مصطفى

7 د

إذا كان تقديم عمل كوميدي متماسك وقادر على الإضحاك أمرًا صعبًا من قبل، فإنه الآن يُعد تحديًا شاقًا أمام صناعه!

فمع التأثير الملموس لمواقع التواصل الاجتماعي في تجديد شكل الكوميديا واعتبار أغلب كليشيهات و"إيفيهات" الكوميديا السابقة كشيء من زمن سحيق لم يعد يفهمه الجيل الجديد أو يتجاوب معه، أصبح الأمر يتطلب ذكاء وجرأة أكثر في اقتحام مناطق جديدة وخلق كوميديا مناسبة وعصرية منها.

فنرى، على سبيل المثال، أشكالًا مختلفة للأفلام الكوميدية ظهرت مع بداية ظهور الثلاثي "هشام ماجد"، "شيكو"، و"أحمد فهمي" منذ منتصف الألفية تقريبًا. ومرة أخرى مع "أحمد أمين" الذي ألّف العديد من مسلسلات الرسوم المتحركة المحبوبة قبل توجهه لكتابة المسلسلات والتمثيل.

ومع وجود "أمين" بمسلسله "الصفارة"، والثنائي بعد انفصاله عن "أحمد فهمي" بالجزء الثالث من مسلسل "اللعبة" داخل أعمال رمضان لهذا العام، وعلى الرغم من تفاوت الجودة الفنية واختلاف الآراء حولهما، فإننا أمام أعمال ما زالت تجتهد في خلق كوميديا جيدة ومختلفة.

وعلى الرغم من وجود منافسة حقيقية تُلزم بشكل أو بآخر باقي الصناع على بذل مجهود أكبر لمجاراة تلك التغيرات، إلا أنّ "أحمد مكي" الذي يعود بجزء سابع لمسلسله "الكبير أوي"، و"محمد سعد" الذي يعود للدراما مرة أخرى بمسلسله الجديد "الحاج أكس لانس" ما زالا يصران على تقديم شكل الكوميديا التي اعتادا عليها نفسها، في نفس القالب الذي يُعاد تقديمه منذ حوالي عشر سنوات دون أي تغييرات جوهرية.

ويعد هذا الإصرار من كل منهما بمثابة محطة أخرى تتلاقى فيها التجربتان اللتان -وعلى اختلافهما- تتشابهان في عدة نقاط قد رسمت الملامح الأساسية التي انطلقت منها كل واحدة منهما على حِدَة. وإذا تحولت مساحة التجديد التي خلقها "أحمد مكي" لنفسه من خلال شخصيات عديدة يقوم هو بأدائها، إلى منطقة آمنة تتخذ شكل قفص من حديد يأسره بداخله ويمنعه من حرية التجول خارجه إلى مناطق أخرى مختلفة، فهل نحن أمام تجربتين متشابهتين إلى حد وصولهما إلى نفس النهاية؟


لعنة التكرار

للإجابة عن السؤال السابق، علينا إلقاء نظرة أعمق على كل من تجربة "محمد سعد" و"أحمد مكي"، فكلاهما يتهاوى وينهار حتى وإن تأخر انهيار مكي بعض الشيء عن الأول.
وتكمن المشكلة الأولى لتهاوي كل من التجربتين، في استنزاف كل ما يمكن تقديمه خلال عدد من السنوات. فأصر كل من "سعد" و"مكي" على تكرار تقديم نفس الشخصية مرة تلو الأخرى حتى وإن كانت بداخل ملابس مختلفة أو تقع قصتها في عوالم موازية.

 تعلق الناقدة السينمائية "أمل مجدي" على ذلك وتقول: "تلاقى كل من مشروع سعد ومكي في اعتمادهما على كوميديا الكاركتر وتقديمهما لشخصيتين جذابتين تعلّق الجمهور بهما منذ ظهورهما الأول على الشاشة، سواء الكبيرة في حالة "اللمبي" أو الصغيرة في حالة "الكبير".

فكما نعرف بدأ "سعد" رحلته مع شخصية اللمبي بالظهور الشهير للشخصية في فيلم "الناظر" الذي تم إنتاجه عام 2000، وهي شخصية تتسم بحالة من عدم الاتزان العقلي تمنحه اختلافًا في طريقة التفكير والكلام والتعامل مع من حوله مما جعله مميزًا وانجذب إليه المشاهدون. وبنجاح شخصية اللمبي داخل الفيلم، سرعان ما قررت شركة السبكي إنتاج فيلم "اللمبي" للمخرج "وائل إحسان" عام 2002 الذي يدور حول الشخصية نفسها.

وكما هو متوقع، نجح فيلم "اللمبي" نجاحًا مدويًا ووصلت إيراداته إلى 22 مليون جنيه. وهذا النجاح كان السبب في عودة سعد مباشرةً في العام الذي يليه بفيلم "اللي بالي بالك"، مجددًا بقيادة وائل إحسان، ثم في كل عام وعلى مدار حوالي عشر سنوات كان "سعد" بطلًا لفيلم جديد بشخصية جديدة تتشابه كثيرًا في صفاتها الجسدية والعقلية والاجتماعية مع شخصية "اللمبي"، مثل "عوكل"، "بوحة"، كتكوت" وغيرهم.

وبعد سلسلة من النجاحات، لم يعد الجمهور يجد ما يجذبه في تلك الشخصيات المكررة بعوالمها المختلفة، وبدأت تتهاوى إيرادات أفلام "سعد"، وبدأ عزوف الجمهور عن أفلامه حتى وصل الأمر بإلغاء حفلات كاملة في السينمات نتيجة لعدم بيع أي تذكرة. وهو أيضًا السبب الرئيسي لرفض الناس مشاهدة مسلسل "الحاج إكس لانس" هذا العام الذي يعيد فيه "سعد" تقديم شخصية "الحناوي" دون أي تجديد يذكر.

وتشابه تجربة "مكي" معه يبدأ منذ المحطة الأولى وعلى طول الطريق لضمان كسب النجاح الذي لا ينتهي، كما تقول الناقدة السينمائية "أروى تاج الدين" معلقة على مشوار كل منهما: "كلاهما كان يعتمد على خلق شخصية "كاراكتر" ذات صفات جسدية وشخصية مميزة وتتعرض تلك الشخصية لمواقف معينة من المنتظر أن يصدر عنها الكوميديا".

وهكذا أيضًا بدأت رحلة "مكي" مع شخصية "الكبير أوي"، حيث كان الظهور الأول لها في فيلم "طير انت"، والذي يُعد البطولة المطلقة الثانية لـ"أحمد مكي"، عام 2009، وكان الفيلم بمثابة المرة الأولى التي يلعب فيها "مكي" بعدة شخصيات لكل شخصية منها عالمها الخاص وقصتها المنفصلة.

وما حدث لسعد حدث لمكي، إذ كان نجاح فيلم "طير انت" هو سبب بداية مسلسل "الكبير أوي" في عام 2010 الذي يضم شخصيتي "الكبير أوي" و"جوني" ثم ينضم لهما في مواسم لاحقة الشخصية الشهيرة "حزلقوم"، واستمر نجاح المسلسل وازدادت جماهيريته وتتوالى أجزاؤه إلى هذه اللحظة، حتى وإن كان النجاح الذي بدأ به المسلسل لم يعد كما كان الآن.

 على الرغم من تألقه المؤقت العام الماضي، وذلك لأن الجمهور قد شاهد الشخصية في نفس العالم دون تغيير حتى تم "احتراقها" تمامًا ووقع "مكي" في فخ التكرار الذي قاد الكثير من المشاهدين بعيدًا عن الموسم السابع الذي يُعرض هذا العام.

ويقول الناقد السينمائي "محمد كمال" عند سؤاله عن هاتين التجربتين: "الطريق الذي خاضه سعد ومكي خلال مسيرتهما يشبه إلى حد كبير منحنى "السلم والثعبان" ما بين الصعود إلى قمة التألق قبل الهبوط الحاد مؤخرًا، ويرجع ذلك لإصرارهما على استثمار النجاحات السابقة لشخصيات محددة حتى تحول الاستثمار إلى محاولات استنزاف تام".

فيديو يوتيوب

كتابة مهترئة وباهتة

أما المشكلة الثانية التي وقعت فيها التجربتان فهي تراجع مستوى الكتابة والاعتماد على الشخصية ذاتها كعنصر الكوميديا الوحيد.

إذ يمكن القول إنّ الكتابة هي العنصر الأضعف في المواسم الأخيرة من مسلسل الكبير وأفلام مثل "اللمبي 8 جيجا" و"تحت الترابيزة" و"محمد حسين" وبالطبع "الحاج إكس لانس".

كما أنّ الاعتماد على الايفيهات وما يصفه الناقد السينمائي "عصام زكريا" بـ “ الاستظراف اللغوي" هو ما يسيطر على تلك الأعمال، دون الاهتمام بوجود سيناريو متماسك وحبكة مترابطة تنطلق منهما الشخصيات إلى مواقف تخلق الكوميديا بذاتها.

وقد استطاع الموسم السادس من "الكبير أوي" إضافة بعض العناصر لبث روح جديدة للمسلسل من خلال شخصية الممثلة "رحمة أحمد/ مربوحة" وبعض تريندات التواصل الاجتماعي مثل لعبة "الحبار".

وهو ما تصفه الناقدة "أمل مجدي" بنقطة التميز بين التجربتين فتقول: "تتميز تجربة مكي عن تجربة سعد في محاولاتها لمواكبة العصر وتغيراته، فهو دومًا ما يضع كاركترات مسلسلاته في مواقف تتلاقى مع تريندات رائجة وموضوعات حيوية، كما ينشغل بتقديم ممثلين وكاركترات مختلفة باستمرار لتجديد الدماء، وكانت تلك القرارات الواعية من أهم أسباب نجاح الموسم السادس".

إلا أنّ تلك العناصر باختلافها قد فقدت بريقها هذا العام نتيجة لإهمال جانب الكتابة، وإعادة  تقديم أفكار متشابهة، والاهتمام فقط بإلقاء أكبر قدر ممكن من "الدعابات" من خلال مشاهد طويلة تجمع بين شخصيتين أو أكثر في مبارزة على الإتيان بجملة أو أكثر يمكن استخدامها كـ "ميم" لينتشر على صفحات الإنترنت.

أما الحال مع "الحاج إكس لانس" فهو أسوأ بكثير. فالتدخل المبالغ فيه لمحمد سعد في كتابة وإخراج الأفلام التي يشارك فيها وصل إلى حد أنه، وحسب بعض المصادر، قد تدخّل في كتابة مسلسله الأخير بالكامل.

وعلى الرغم من أن فكرته الأساسية، التي تدور حول "الحاج حناوي" أو كما يعرف "بالإكس لانس" الذي يجد نفسه بالصدفة متورطًا مع عصابة كبيرة في تهريب الآثار بعد أن يصدم أحد الأشخاص بسيارته، قد تصلح لتكون مُنطَلقًا لكوميديا جيدة، إلا أنه ومن الحلقات الأولى يظهر ضعف الكتابة وتدني مستوى الكوميديا الذي يعتمد على الإهانة و"الصفع"، وكأن هذا النوع لم يعلن عن انتهاء صلاحيته منذ سنوات.

 كما أن "سعد" ما زال يعتمد على الصفات الجسدية لشخصيته كمصدر للكوميديا. وتُعقب الناقدة "أروى تاج الدين" على ذلك وتقول: "محمد سعد يخلق شخصياته بلا هدف أو فكرة أو حبكة جيدة معتمدًا على التواءاته الجسدية وطريقة كلام الشخصية التي غالبًا ما يكون لديها مشاكل في نطق الكلمات بشكل صحيح".

وكانت نتيجة كل ذلك هو الاختفاء شبه التام للمسلسل من صفحات التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أنه لا يمكن حصر عدد المتابعين له بشكل دقيق، يمكن القول إنه لم يكن بالعدد الكبير على الإطلاق، وأصبح محمد سعد "كارت محروق" بعد تصدره لقائمة الإيرادات لأعوام متتالية.

يختتم الناقد "محمد كمال" كلامه قائلًا: " إن الأمر يتعلق بكيفية إعادة طرح الشخصيات الكوميدية في إطارات درامية جديدة تحمل عناصر جذب مبتكرة للجمهور، خاصةً مع اتساع ساحة المنافسة التي لم تعد تقتصر فقط على "نجوم الكوميديا". فعملٌ مثل "كامل العدد" كان أكثر الأعمال الكوميدية نجاحًا هذا العام ولا يمكن تصنيف أبطاله ككوميديانات".

ذو صلة
فيديو يوتيوب

بخطى ثابتة ومتهالكة يفقد كل من "سعد" و"مكي" الجودة الفنية والنجاح الجماهيري لأعمالهما، وعلى الرغم من أن الوضع الحالي لا يبشر بخير، إلا أنه من الصعب أن أطلق حُكمًا نهائيًا على تجارب لم تنتهِ بعد، طالما ما زال بإمكان كل منهما تخطي تلك المشاكل إذا أراد ذلك. لكن الأكيد والمنطقي أن الرحلة التي بدأها كل منهما لا يمكنها أن تستمر داخل ذلك القفص إلا وكانت نهايتها إخفاقات متتالية. وأن السبيل الوحيد للخروج هو تدارك الأخطاء والخروج من داخل تلك المنطقة الآمنة التي أصبحت عبئًا على مشوارهما الفني!

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة