أفلام هندية تتميز بالاحترافية العالية .. كشفت وجه بوليوود الآخر!

حقيقة لا يمكن إنكارها، لا تزال سمعة الإنتاج السينمائي الهندي “بوليوود” ترتبط عند الكثير من المشاهدين العرب بالمحتوى الفَنّي الهابط، حيث السيناريوهات الركيكة وأسلوب التمثيل المبتذل. وربما غذت تلك السمعة هذا الكم الهائل من الإنتاج الهندي والذي وصلنا عبر أشرطة فيديو الثمانينات والتسعينات، ولا زال يصلنا عبر الإنتاج الدرامي الهندي الهابط فنياً والذي صار يغذو الشاشات العربية في تسلسل مستمر لتدمير الذائقة الفنية للعوام.

لكننا هنا من أجلك عزيزي القارئ الذي لا زلت لم ترَ وجهاً آخر للسينما الهندية. ذلك الوجه الذي اكتشفناه مؤخراً، واكتشفنا أن “بوليوود” ليست فقط كما نعتقد، بل أن لها جانباً – ليس بالصغير- من الإنتاج المتميز، بل قل، المتميز للغاية. لنعرض لك سلسلة من اافلام هندية مميزة والتي حملت طابع “صنع في الهند” باحتراف:

ربما كانت بوابتي الأولى نحو ذلك النوع من الفَنّ الراقي للسينما الهندية في العام 2005، هو أكبر صدماتي بحق! فالنجم الهندي “أميتاب باتشان” والذي ارتبط في ذاكرتنا بكل تلك الأفلام الكلاسيكية المتواضعة المستوى. لم أكن لأتصور أنه فنان لهذه الدرجة، يتطوّر مع الزمن ليصنع تلك التحفة الفنية والتي لا زالت من علامات السينما الهندية الحديثة.

الفيلم من النوع الدرامي الإنساني بامتياز. عن تلك الفتاة المولودة دون سمع أو بصر، لتضل طريقها في هذه الدنيا حتى يأتيها قبس من أمل في صورة مدرس يمثل لها كل حياتها بمعنى الكلمة. ربما تظهر القصة حتى هذه اللحظة كقصة كفاح أخرى، ولكن المميز هنا أن القصة الأصلية لا تدور حول كفاح الفتاة، بقدر ما تتحدث عن “رد الجميل” والذي يجد له كاتب السيناريو “حبكة درامية” مميزة حقاً.

يتميز الفيلم بالإخراج المميز، ولأولئك الذين يهتمون لأمر الموسيقى التصويرية، فأعدكم بعمل موسيقى غاية في الروعة من أعمال الموسيقار مونتي شارما.

************************

أعتبره واحد من أجرأ الأعمال السينمائية في الأعوام الماضية على المستوى العالمي، وإن كان ذلك لم ينقص من جودة الإخراج والسيناريو، والدور المميز والمغاير للعادة للنجم “شاهد كابور”.

الفيلم الهندي الإنتاج، والذي يأتي ليحكي القصة المريرة عن جرائم الجيش الهندي السابقة في ولاية “كشمير” المتنازع عليها بين الدولتين الهند وباكستان. ولربما تلك كانت الجرأة في أن يعيد الفيلم فتح الملفات القديمة، ويبرز للمجتمع أن سياسات الماضي الخاطئة أتت على أرواح آلاف من الضحايا الأبرياء. وإن كان يختم الفيلم بكلمة عن أمل جديد في تلك السياسات.

الفيلم يأتي ليحكي قصة واحدة، أن مسلسل الدم لا ينتهي، وسينال رغماً عن الجميع من الجميع، وخاصة من أولئك الأحبة. وفي ظل حروباً تطال بقاع عربية كثيرة، أتمنى أن نأخذ العبرة من أحداث الفيلم.

************************

الكريكيت، اللعبة الشعبية الأولى في الهند. ولكننا هنا عن قصة “كريكيت” أخرى، لا يلعب فيها أحد!

القصة عن ثلاثة أصدقاء، تجمعهم حول “الكريكيت” قصص كثيرة. حيث تبدأ باتفاقهم على تأسيس محل تجاري لبيع الأدوات الرياضية للعبة وتدريب الصبية الصغار عليها، ولكن يأخذ سيناريو الفيلم مناح أخرى عن الحب والفراق والنزاع الطائفي الهندي وألعاب الساسة القذرة، وأحلام الشباب التي يدهسها الكبار دون أي انتباه.

************************

فيلم كوميدي درامي، ولكنه من النوع الهادف بشكل كبير. حيث يحكي عن قصة الفتاة الخرساء الباكستانية المسلمة والتي تضل طريقها لتقع في طريق شاب هندي هندوسي. يتناول الفيلم فكرة التعايش بين الأديان المختلفة، وعن أن احترام الأفكار المختلفة أمر ليس بالعسير إن وجدت النية في ذلك.

ولكن أبرز ما يطرحه الفيلم هو فكرة أنه لا بد لتلك الحدود بين الدولتين الباكستانية والهندية، أن يتم إلغائها بأيدي الشعبين. حيث لمن لا يعرف، فباكستان ليست إلا مجموعة ولايات هندية استقلت بالماضي عن الهند. لتنشب خلافات على مدار عقود بين دولتين من نفس العرق واللغة. وهو ما يبشّر لربما بزوال تلك الحدود في عقود قادمة، إن استمر الفنين الهندي والباكستاني، بتغذية تلك الفكرة لدى الشباب.

************************

هذا الفيلم خاص جداً، وخاصة لأولئك عشاق السينما الواقعية. عن قصة حب تنشأ بين رجل في أواخر عمره وربة منزل، عبر “صندوق غداء” ضل طريقه، أو لربما وصل لصاحبه بالفعل؟!

الفيلم الحاصد جوائز عالمية، يتميز بالإخراج والبعد التصويري المحترف، والقصة التي تبرز جانباً عن أولئك الذين يعتقدون أن قطار العمر قد توقف بهم، ليكتشفوا أن محطات القطار لم تنته بعد.

************************

عن قصة ربما تجد مثيل لها في مجتمعاتنا العربية. عن تلك السيدة الريفية البسيطة التي تجيد التربية وإعداد الطعام، ولكن فجوة ثقافية كبيرة حاصلة بينها وبين زوجها رجل الأعمال المرموق، وأولادها مرتادي المدارس الأجنبية الكبيرة.

تدور القصة حول تعليم الأم المتوسط والذي لم يمكنها من تعلم الإنجليزية، ومجتمع كامل حولها يستخدم تلك اللغة أكثر من اللغة الأم، الهندية. لتأتي فرصة للأم لتعيش في رحاب نيويورك، وتخوض تحدياً لتضع قدمها على أولى درجات تعلّم الإنجليزية.

القصة تنتقد كلا الفريقين، أولئك الذين يسخرون من استخدام اللغة الهندية في تعاملاتهم، وأولئك الذين يتأخرون عن تعليم أنفسهم الإنجليزية. ليضع توازنا بين ضرورة الانفتاح على الثقافات مع التمسك بالأصل الذي يميزك.

الطريف في القصة، أنك ستجد الكاتب يستعرض في الفيلم شتى الطرق الحديثة لتعلم اللغات بالممارسة. عن طريق زجها بين أحداث الفيلم، لتترسخ في عقول المشاهدين، ولربما اتبعها أحدهم فيما بعد.

************************

فيلم كوميدي جميل، ينتقد فكرة التعليم المتبعة منذ القدم في حفظ الأوراق دون أي نوع من الفهم أو إطلاق العنان للإبداع. الفيلم حول ثلاثة أصدقاء، تضعهم الفرصة ليدرسوا بجانب بعضهم في كلية “الهندسة” (و هي كلية القمة في الهند) ليحاول أكبرهم تغيير فكرة صديقيه والمجتمع من حوله، حول أن الحفظ  دائماً لا يجلب إلا المشاكل في إطار كوميدي مرح.

وإن كانت الاستعراضات الفنية أمراً بديهياً في أغلب الأفلام الهندية، وكثيراً مننا يكون جاهزا لتجاوز مشاهدة هذه الاستعراضات. إلا أنني أنصحك أن تمتع نفسك قليلاً باستعراضات هذا الفيلم، خاصة استعراضي المفضل “زوبي دوبي“.

************************

السينما الهندية صاحبة الإنتاج الأكثف على مستوى العالم، لذا فكما تجد فيها من “الغث” الكثير، فإنك ستجد فيها “الجيد” و”الممتاز”. وفي رأيي المتواضع، فإننا لا بد أن نهب اهتماما أكبر ناحية سينما الشرق. على حساب حصة تلك السينما “الهوليدية” قليلاً. فهناك من التجارب والسيناريوهات، ما تستحق منك الاهتمام حقاً.

وأنت عزيزي القارئ، شاركنا بتجربتك حول أفلام “بوليوود”، ولا تحرمنا ترشيحاتك حول  افلام هندية مميزة في التعليقات.