بالتزامن مع عرض Maleficent: إنتاج الأفلام القديمة بشكل جديد الـ Remake ميزة أم عيب؟

جميعنا نحب الأفلام القديمة، خاصة أفلام الرسوم المتحركة التي قدمتها لنا ديزني وساهمت في رسم ملامح شخصياتنا، وتمكنت شخصيات تلك الأفلام من غزو قلوبنا، فمن منا لم يشاهد الفيلم الكرتوني علاء الدين والمنتج عام 1992 وهو من أنجح وأجمل أفلام ديزني الكرتونية.

وقدمت ديزني سلسلة طويلة من تلك الأفلام مثل The Little Mermaid في عام 1989، ثم الجميلة والوحش في عام 1991، ثم هرقل في عام 1997، ولا يعيب ديزني أن كل تلك القصص ليست أصلية، بمعنى أنها مقتبسة في الأساس من قصص شعبية قديمة.

وقد تحدث النقاد طويلًا عن هذا الأمر وصارت سمعة ديزني الإبداعية في خطر، فأعلنت ديزني قيامها بتقديم فيلم كرتوني جديد مبنى على قصة أصلية وبالفعل قدمت لنا واحدًا من أعظم الأفلام على الإطلاق وهو الأسد الملك والمنتج في عام 1994، وقد قاربت أرباح الفيلم آنذاك من مليار دولار أمريكي وكان رقمًا غير مسبوق.

وبعدها قدمت الشركة العديد من الأفلام الناجحة بالتأكيد، لكنها لم تعرف نجاحًا مثيلًا لعلاء الدين أو الأسد الملك، وعندما أصبحنا في عصر التكنولوجيا المتقدمة، والمؤثرات البصرية، فقد خطرت للشركة فكرة تقديم تلك الأعمال الكلاسيكية للجمهور مرة أخرى، لكن بشكل جديد.

ففي الأعوام السابقة قامت الشركة بإعادة إنتاج فيلم الجميلة والوحش في عام 2017، لكن بشكل جديد، وهو أسلوب يعرف بنسخة Live Action عن الفيلم الأصلي، وهو المصطلح الذي يطلق على الفيلم الكرتوني الذي يعاد تقديمه لكن بتمثيل بشري، ونجحت الفكرة مما جعل ديزني تستمر في تلك النوعية من الأفلام.

أقرأ أيضًا: دواعي الاقتباس الفني .. بين الحق المكفول والحق المسلوب

وقدمت لنا ديزني هذا العام 2019 فيلميها الأنجح مرة أخرى، وهما فيلم علاء الدين، وجاء من بطولة الممثل العربي مينا مسعود، والعالمي ويل سميث، وقد حقق الفيلم إيرادات تقدر بمليار دولار وهو نجاح هائل، ثم عادت لتقدم لنا نسخة جديدة عن فيلم الأسد الملك.

لكن فيلم الأسد الملك لا يمكن تمثيله Live Action، لأنه لا يحتوي على شخصيات بشرية من الأساس، لكن هذا لم يمنع الشركة عن تنفيذ مشروعها الضخم، بتقديم نسخة متطورة باستخدام أحدث المؤثرات البصرية، وجاء الفيلم بتكنولوجيا حديثة حاكت شكل الحيوانات الطبيعية.

وحقق الفيلم نجاحًا هائلًا كالمتوقع، فقد تخطيت إيراداته مليار ونصف دولار أمريكي، مما أثبت نجاح خطة الشركة في إعادة تقديم أعمالها الكلاسيكية مرة أخرى للجمهور، لكن هذا وضع الكثير من علامات الاستفهام حول عنصر الإبداع وأيضا التجديد في الأفكار.

فما الفائدة من إعادة تقديم نفس الأعمال القديمة مرة أخرى؟ وهذا السؤال في الحقيقة تم طرحه على العديد من الأعمال الفنية الأخرى، فلم تبتدع ديزني فكرة إعادة إنتاج أعمالها وهو ما يعرف بـ Remaking، فقد تم إعادة إنتاج العديد من الأفلام الكلاسيكية من قبل شركات عديدة.

والأمثلة كثيرة في هذا الإطار، ولهذا سنشير فقط في المقال إلى أشهر تلك الأفلام التي أعيد إنتاجها، والبداية تأتي مع فيلم ocean’s eleven من عام 2001 وهو بطولة Brad Pitt وGeorge Clooney والذي لا يعلم البعض أنه إعادة لفيلم بنفس القصة والاسم من عام 1960 من بطولة الثنائي الغنائي دين مارتين وفرانك سيناترا.

وعندنا أيضا الجزء الأول من سلسلة جيمس بوند الجديدة وهو فيلم Casino Royale في عام 2006 وهو بطولة الممثل البريطاني الشهير دانييل كريج، والذي يعتبر إعادة لفيلم بنفس الاسم من عام 1967 من بطولة Peter Sellers.

ولم يقتصر الأمر على هذا فقد تم إعادة تقديم الفيلم الشهير Psycho من عام 1960، وهو واحد من أشهر أفلام الرعب في التاريخ وقد أخرجه العالمي Alfred Hitchcock، وتم تقديم نفس القصة بصورة حديثة في مسلسل Bates Motel في عام 2013 ببطولة Freddie Highmore والذي يعرفه الجمهور بدوره في مسلسل The Good Doctor.

ويعد المثل الأشهر على الإطلاق في هذه القائمة هو الفيلم الكلاسيكي The Magnificent Seven من عام 1960 من بطولة Steve McQueen، والذي قد أعيد إنتاجه في فيلم بنفس الاسم في عام 2017 من بطولة Denzel Washington، وهذا الفيلم تحديدا قد اقتبس عن فيلم ياباني تحت اسم The Seven Samurai.

لتصبح النسخة الحديثة منه إعادة إنتاج لنسخة قديمة لفيلم مقتبس، وهي حالة نادرة الحدوث، للدرجة التي أدت لإنتاج الفيلم في العديد من بلدان العالم، ونعرف جميعنا بالتأكيد النسخة المصرية منه والتي جاءت تحت اسم شمس الزناتي في عام 1991 من بطولة الأسطورة عادل إمام.

ويوجد الكثير من الأعمال التي لم يكتف أصحابها باقتباس فكرتها فقط، بل أعادوا تقديمها مرة أخرى بصورة شبه متماثلة، بنفس الأحداث والشخصيات، مما يثير العديد من الأسئلة، أهمها هو لماذا تلجأ شركات الإنتاج لتلك الأفكار القديمة مرة أخرى؟ ولماذا يذهب الجمهور لمشاهدة فيلم يعرف أحداثه مسبقًا؟

أقرأ أيضًا: أهم الأفلام المرتقبة في 2019 .. توقعات كبيرة ومخاوف واقعية

تلجأ شركات الإنتاج لإعادة إنتاج الأفلام القديمة لسببين أساسيين هما:

أولًا: الرغبة في النجاح السريع وعدم المخاطرة بالمراهنة على أفكار جديدة، فقد أصبحت المنافسة في شباك التذاكر صعبة للغاية في ظل تزايد أعداد الأفلام المنتجة سنويًا، وهذا يعني زيادة نسبة المخاطرة في الأفكار الجديدة التي قد لا تعجب الجمهور، ولهذا تتم المراهنة على أفكار قديمة يحبها الجمهور بالفعل.

ثانيًا: تضائل السيناريوهات التي تهتم بجودة القصة، ففي ظل التقدم الشديد في عالم المؤثرات البصرية ضعف الاهتمام بجودة الحبكة في الأفكار الجديدة، ولهذا يلجأ المنتجون إلى سينما الستينيات والسبعينيات التي تتسم بمتانة قصتها وجودة أحداثها البعيدة عن عالم المؤثرات البصرية عالي التكلفة.

ويمكن الإجابة على هذا السؤال في ثلاث نقاط

أولًا: الحنين إلى الماضي من قبل المشاهدين الكبار في السن، والذين تعود بهم تلك الأفلام المعاد إنتاجها إلى فترة شبابهم، ولهذا يحبون الذهاب لمشاهدتها بكثافة، من أجل استعادة ذكرياتهم الجميلة المرتبطة بتلك الأفلام التي يحبونها، ورؤية ما هي الإضافة التي تضيفها تكنولوجيا التصوير الحديثة على تلك الأفلام.

ثانيًا: رغبة شركات الإنتاج في إعادة تقديم الأفلام الكلاسيكية للجمهور الشاب والذي لم يحظ بفرصة مشاهدة تلك الأفلام، فبعضهم سمع عن تلك الأفلام لكنه يرفض مشاهدتها لأسباب تتعلق بالمؤثرات أو الإخراج أو بطئ الأحداث الذي لا يلائم هذا الزمان وبعضهم لم يسمع عن تلك الأفلام من قبل.

ثالثًا: رغبة الممثلين الطموحين في تجسيد الأدوار الكلاسيكية التي قام بها في الماضي أعظم الممثلين، ورغبة هذا الجيل من الممثلين الجدد في إثبات جودتهم الفنية وقدراتهم التمثيلية العالية، عن طريق إضافة الجديد لشخصية أحبها الجمهور بالفعل، وهي مغامرة فنية يحب الممثل الجيد أن يخوضها.

ويجدر القول بأن تقديم هذه النوعية من الأفلام لا يعد أمرًا سيئًا، بدليل المتابعة الهائلة من الجمهور لها، وأيضًا إشادة النقاد بها، فهي تخلد تلك الأعمال القديمة وتزيد من شهرتها ومعرفة الناس بها، وأيضًا رغبة شركات الإنتاج المشروعة في الربح وإمتاع الجمهور، لكنها أيضًا لديها جانب سلبي فعندما تتمادى الشركات فيها فهذا يضعف الساحة الفنية مع مرور الوقت.

وستقوم شركة ديزني باستكمال مسيرتها في هذا الاتجاه بإنتاج فيلم Mulan في عام 2020 وهو من أكثر الأفلام المنتظرة، ومن الأخبار المفرحة التي أعلنت عنها ديزني هو الرغبة في تقديم مسلسل تلفزيوني عن قصة The Lord Of the Rings ومن المنتظر قدوم المسلسل في العام 2020 أو العام الذي يليه على أقصى تقدير، وبميزانية ضخمة.