فيلم The Crimes of Grindelwald ولعنة الأجزاء الوسطى

6 د
فيلم The Crimes of Grindelwald هو الجزء الثاني من سلسلة “الوحوش الرائعة Fantastic Beasts “ والفيلم العاشر في العالم السحري الذي ابتكرته من الأساس “جي كي رولينج” عندما خطّت أول رواياتها “هاري بوتر وحجر الفيلسوف”، ولكن هذه المرة خرجت “رولينج” من عباءة الكاتبة الروائية التي تحول أعمالها إلى أفلام، وأصبحت كاتبة سيناريو مباشرة لهذا الفيلم وسابقه.
ربما ظن الكثيرون أن أفلام هاري بوتر ما هي سوى إحباطات متتالية لمحبي الروايات الأصلية، ولكن يبدو أن هؤلاء يجب أن يراجعوا أنفسهم خاصة بعد مشاهدة سلسلة “الوحوش الرائعة” التي بدأت في 2016 وها نحن نشاهد الفيلم الثاني The Crimes of Grindelwald في 2018 ومن المتوقع لها كذلك ثلاث أفلام أخرى من الفوضى البصرية، والسيناريو غير المحكم وافتقاد البطل والحبكة.
الخطوة العاشرة في عالم مبني بالفعل فلم التخبط؟

صنعت “رولينج” عالمًا محكمًا بالفعل في رواياتها وبعد ذلك بالأفلام المأخوذة عنها، عالم فيه الكثير من الأخلاقيات السامية، مثل الحرب بين الخير والشر، والبحث عن الطيبة والمحبة في قلوب أكثر الناس شرًا، وعدم الحكم على الآخرين بسبب انتماءات ظاهرية.
عالم “رولينج” له قواعد سهلة، وشكل واضح، وشخصيات رئيسية وأخرى فرعية، وعندما اختارت إكمال المسيرة بهذه الأفلام الخمسة تخلّت عن هاري بوتر ورفاقه، ورجعت بالزمن إلى ما قبل مولده ومجد “فولدمورت” الأسود، لتمسك بخيط مهم مررنا عليه بسرعة من قبل وهو صعود وهزيمة الساحر “جريندوالد” على يد “دمبلدور”، وذلك الغموض الذي يحيط بالشخصية الأخيرة.
هذه القصة كانت قادرة بالفعل على تقديم فيلم أو اثنين قويين، فلدنيا بطل نحن متشوقين لنراه في شبابه وقد أحببناه شيخًا، ولدينا شرير غامض، ربما أكثر قوة من “فولدمورت” نفسه، وتدور الأحداث في ذات العالم الساحر الذي ألفناه بل عشقناه، ولكن “جي كي رولينج” لم ترغب فقط في إعادة إحياء القصة القديمة، ولكن أضفت عليها المزيد وهي شخصية “نيوت سكامندر” وحيواناته الرائعة.
ذلك أول مسمار دق في نعش هذه السلسلة وهذا الجزء على الأخص، فالجزء السابق قدم لنا شخصية “نيوت سكامندر”، وحيواناته في مغامرة لطيفة، مع شريكة وصديق من العامة، وكان مجرد خطوة صغيرة في تقديم الحكاية الكبرى، لكن في فيلم The Crimes of Grindelwald وجدنا الفوضى تعم كل شيء، فلا نعلم من هو البطل هل هو نيوت؟ أم دمبلدور الذي نعرف مسبقًا أن مبارزة ما مع “جريندوالد” هي التي ستقضي على الأخير؟
وتاهت الحبكة الأساسية تمامًا بين الكثير من القصص الجانبية التي لا نعرف إلى أين ستوصلنا، والأسوأ الاعتماد الرخيص على إلقاء أسماء مثيرة لمحبي هاري بوتر لجذب انتباههم من وقت لآخر ثم ترك هذه الخيوط بلا اهتمام لأنها بالفعل ليست مهمة، فنسمع اسم ليسترانج وناجيني وعائلات طلبة هوجوروتوس، لإثارة بعض الحنين، وحث المشاهد على الإكمال انتظارًا لشيء ما لا يأتي أبدًا.
لعنة الأجزاء الوسطى
يجب هنا ألا نعقد مقارنة بين أفلام هاري بوتر السابقة وهذه السلسلة، ففي الأفلام السابقة كان كل فيلم يحتوي على قصة كاملة، بحبكة وبداية ونهاية وصراع، ربما هذا الفيلم خطوة للأمام في الصراع الأكبر الذي يخوضه البطل ضد فولدمورت، ولكن لو فصلناه عن باقي السلسلة سنجد أمامنا فيلم متكامل بذاته يمكن مشاهدته دون أن نشعر بالكثير من التيه.
هذه السلسلة مختلفة ليس فقط لأنها لا تستند على روايات، ولكن لأنها بالفعل هي مجرد فيلم واحد طويل من خمسة أجزاء، يمكن أن نقول بلا تحامل وسيلة لكسب الكثير من المال ومط أحداث فيلم واحد على خمسة أقسام وهو ما أطلق عليه لعنة الأجزاء الوسيطة.
ففي هذه الأجزاء يقوم كاتب السيناريو بوضع الكثير من الأحاجي، والخطوات الأولى وغرس الشخصيات ورسمها التي سنكمل معها في الأفلام التالية، ولكن عندما تنظر للفيلم بصورة مقربة ستجد أنك أمام لا شيء، فلا قصة ولا حبكة، ولا فيلم تستطيع أن تشاهده بمفرده.
يختلف هذا الأمر تمامًا عن ترك لغز في نهاية الفيلم يجعلك تنتظر عامين لتستكمله، بل هنا أنت قمت بعمل فقط لملء فراغ السوق وتحقيق الإيرادات في انتظار أفلام قادمة قادرة على تقديم محتوى ما للمشاهد.
علامات استفهام على جي كي رولينج ككاتبة سيناريو
ليس معنى أن تكون روائيًا جيدًا أن تصبح كاتب سيناريو رائعًا بالضرورة، فهناك اختلافات كبيرة بين الوسيط الروائي والوسيط السينمائي على الرغم ان هذه الخطوة من الأخير ليست إلا مجرد كلمات بعد، ولكن تلك الكلمات يجب أن تكون مصاغة لتصبح مشاهد ولقطات وحبكة بعد ذلك، ويبدو أن “جي كي رولينج” لم تعرف بعد قواعد هذا العالم الجديد حتى في فيلمها الثاني لتخرج أفلامها حتى الآن مجرد فصول متناثرة من المتوقع أن تبهر قارئيها بالصلة التي تجمع بينها في نهاية الرواية.
في عالم الأفلام هذا لا يجب أن يحدث على مدار سلسلة كاملة هناك تقريبًا عامين بين كل فيلم وآخر، فالسيناريو الجيد هو الذي يكون كل مشهد فيه يحمل صراع من نوع ما، يتوافق مع الصراع الكلي للفيلم في نهاية المطاف، وقد قامت “رولينج” بنصف الوصفة السحرية فقط، فنجد كل المشاهد هي وحدات مختلفة عبارة عن صراعات صغيرة، ولكن في النهاية تشتت المشاهد ولا تقدم صراع كلي يجب عليه أن يتفاعل معه.
شخصيات بلا معالم

قدم الفيلم عدد كبير من الشخصيات، سواء تلك التي تعرّفنا عليها الفيلم السابق أو الجديدة، ونجد في الحالتين نفس الأزمة، شخصيات قشرية بلا أي معالم أو تعقيدات، فحتى “نيوت سكامندر” الذي تشكّل إلى حد ما في فيلم الوحوش الرائعة من قبل تراجع هنا تمامًا وتاه وسط زحام شخصيات آخرى، فنجد لدينا تعقيدات جانبية جلبت إلينا “ليتا ليسترانج” حبه القديم، وأخيه أو منافسه “ثيسيوس”، بالإضافة إلى “كريدنس” من الجزء السابق الذي ترافقه هذا الجزء “ناجيني” (نعم حية فولدمورت) ولكن بشكلها البشري، بالإضافة بالطبع إلى الساحرة “تينا” وأختها، والتي من المفترض أن تجمعها علاقة رومانسية مع “نيوت” لم يصل للمشاهد منها أي احاسيس بالفعل سواء لانعدام الجاذبية بين الممثلين أو لأن الشخصيات بالفعل مكتوبة بصورة سيئة.
هذا أدى بالطبع إلى أداء سيء من كل المشتركين في الفيلم، وحتى “جود لو” و”جوني ديب” اللذان اعتبرا الأفضل وذلك للكاريزما الخاصة بهما، ولتشوّق المشاهد لرؤيتهما في هذا العمل ليس أكثر، لكن أي منهما لم يستطع أن يقدم سوى أداء شكلي للشخصية المعروفة مسبقًا.
أين هي جرائم جريندولد؟

يحمل الفيلم اسم Fantastic Beasts: The Crimes of Grindelwald وقد قدم الجزء الأول من اسمه فقط وأغفل الثاني، فقد شاهدنا الحيوانات الرائعة واستعرضاتها المتكررة، ولكن لم نرى أي دليل على جرائم “جريندوالد” الموعودة، ولا حتى حكي تفاصيلها، فيبدأ الفيلم بهربه من السجن، ولكن لا نعرف ما هي الجريمة بالتفصيل التي حدثت، ذلك على عكس تقديم شخصية “فولدمورت” على سبيل المثال، الذي لم نشاهدها في الفيلم الأول، ولكن عرفنا ما فعلته من أول مشهد وقتله لوالديْ هاري.
لم يقدم هذا الفيلم أي جديد عن “جريندوالد” غير الذي عرفناه سابقًا من الروايات وتقاطعه في الأفلام مع قصة عصى الموت الشهيرة، ولا حتى رأينا جرائم جديدة تشجعنا على الخوف منه.
متعة بصرية بلا محتوى

أخرج فيلم The Crimes of Grindelwald ديفيد ياتس الذي قدم الأفلام الأربعة الأخيرة من سلسلة هاري بوتر، بجزئيها الآخيرين الجيدين بالفعل، لكن هذه المرة أخفق تمامًا في تقديم فيلم متماسك، بل مجرد مؤثرات بصرية مدهشة طوال الوقت، ومشاهد يمكن اقتطاعها من سياقها بلا أي مشكلة في العمل ككل.

عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
الكشف عن أسرار مصدر نهر النيل الذي كان لغزاً لآلاف السنين!

2 د
ظلّ مصدر نهر النيل لغزاً لآلاف السنين.
لنهر النيل مصدران رئيسيان: النيل الأزرق من إثيوبيا والنيل الأبيض من البحيرات الأفريقية الكبرى وما وراءها.
حاولت العديد من الحضارات البحث عن مصدر النيل، لكن نظام النهر المعقّد يجعل من الصعب تحديد أصل واحد.
يعتبر نهر النّيل من أطول الأنهار في العالم وأحد أهم الأنهار في مصر والمنطقة العربية. ومنذ القدم، كان مصدر المياه الذي ينبعث منه النّيل يثير اهتمام المصريّين القدماء، وحتى الآن لا يزال هذا السؤال غامضاً ولا يحمل إجابة واضحة. على الرّغم من التقدّم التكنولوجي والمعرفة الجيوفيزيائية، لا يزال أصل النّيل لغزاً حتّى يومنا هذا.
في حين أنّ الإجابة البسيطة هي أنّ للنيل مصدرين رئيسيّين -النّيل الأزرق من إثيوبيا والنّيل الأبيض من البحيرات الأفريقيّة الكُبرى وما وراءها- فإنّ منشأ النّيل أكثر تعقيداً ممّا يبدو.
حاول الرّومان القدماء العثور على منبع النّيل، وبمساعدة المرشدين الإثيوبيين، توجّهوا عبر إفريقيا على طول نهر النيل إلى المجهول. على الرغم من أنّهم وصلوا إلى كتلة كبيرة من المياه كانوا يعتقدون أنّها المصدر، إلا أنّهم فشلوا في النّهاية في حلّ اللغز.
قبل الرّومان، حرص المصريّون القدماء معرفة أصل النّيل لأسباب ليس أقلّها أنّ حضارتهم كانت تعتمد على مياهه لتغذية ترابهم وتكون بمثابة طريق مواصلات. فتتبّعوا النهر حتّى الخرطوم في السّودان، واعتقدوا أنّ النّيل الأزرق من بحيرة تانا، إثيوبيا، هو المصدر. وقد كانت رؤية النيل الأزرق على المسار الصحيح، ولكن لا يوجد دليل على أنّ المصريين القدماء اكتشفوا القطعة الرئيسية الأخرى في هذا اللغز؛ النيل الأبيض.
واليوم، تمّ الاتّفاق على أنّ للنيل مصدرين: النّيل الأزرق والنّيل الأبيض، يلتقيان في العاصمة السّودانية الخرطوم قبل أن يتّجه شمالاً إلى مصر. يظهر النّيل الأزرق من الشّرق في بحيرة تانا الإثيوبيّة، بينما يظهر النّيل الأبيض من حول بحيرة فيكتوريا يخرج من جينجا، أوغندا. ومع ذلك، حتى هذه المصادر هي أكثر تعقيداً ممّا تبدو عليه لأول مرة.
يوضّح المغامر الشهير السير كريستوفر أونداتجي أنّ بحيرة فيكتوريا نفسها عبارة عن خزّان تغذّيها أنهار أخرى، وأنّ النّيل الأبيض لا يتدفّق مباشرة من بحيرة ألبرت ولكن من نهر كاجيرا ونهر سيمليكي، اللّذان ينبعان من جبال روينزوري في الجمهورية الكونغو الديمقراطية. في نهاية المطاف، كما يجادل، يمكن تتبّع النّيل الأبيض مباشرة إلى نهر كاجيرا ونهر سيمليكي.
في الختام، ليس لنهر النّيل مصدر واحد، بل يتغذّى من خلال نظام معقّد من الأنهار والمسطّحات المائية الأخرى. في حين أنّ الفكرة اللّطيفة القائلة بإمكانيّة تحديد المصدر بدقّة على الخريطة هي فكرة جذابة، إلّا أنّ الحقيقة نادراً ما تكون بهذه البساطة.
حتى اليوم، لا يزال مصدر النيل لغزاً يثير إعجاب النّاس في جميع أنحاء العالم.
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّة واحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.