تقرير يوضح أن القطاع التكنولوجي يواجه تباطؤًا شديد .. لكنه يُشير إلى أن الركود الاقتصادي هو الوقت الأمثل للاستثمار في التكنولوجيا

يواجه قطاع التكنولوجيا حاليًا تباطؤًا كبيرًا، إذ انخفض تمويل رأس المال الاستثماري (VC) بنسبة 35٪ في عام 2022 مقارنةً بالعام السابق، وفقًا لتقرير النظام العالمي للنظام البيئي للشركات الناشئة لعام 2023 (GSER 2023) الصادر عن جينوم الشركات الناشئة وشبكة ريادة الأعمال العالمية (GEN)، ومع ذلك يُشير التقرير إلى أن هذا التباطؤ يُتيح فرصًا هائلة للشركات الناشئة التي يمكنها التغلب على هذه المرحلة الصعبة وتحقيق النجاح في مواجهة التحديات.

يكشف تقرير GSER 2023 أن صناعة التكنولوجيا شهدت انخفاضًا في عدد الصفقات وعدد الشركات المليارية، ولكنه يسلط الضوء أيضًا على أسباب للتفاؤل، إذ تُشير البيانات إلى أن الشركات الناشئة التي تم تمويلها خلال الركود الاقتصادي مثل الركود الكبير، حققت أعلى مضاعفات مقارنةً بتلك التي تم تمويلها خلال فترات التوسع الاقتصادي.

ومن الأمثلة الواقعية على نجاح الشركات الناشئة التي تأسست في فترات الركود سبوتيفي وتويتر وفليبكارت، ويشير التقرير أيضًا إلى نجاحات مماثلة بعد انهيار فقاعة الإنترنت في عام 2001، حينها تنبأ المتشائمون بنهاية صناعة التكنولوجيا، لكن توقعاتهم ثبتت عكس ذلك بعد سنوات قليلة.

من المتوقع كذلك أن يتسبب انتشار الأزمات والتسريحات الجماعية في ظهور موجة جديدة من الشركات الناشئة، فهناك العديد من المواهب ذوي الخبرة التكنولوجية الباحثة الآن عن مشاريع جديدة، وقد صرح جوناثان أورتمان مؤسس ورئيس شبكة ريادة الأعمال العالمية:"بناءً على حقيقة أن أكثر من نصف الشركات المُدرجة في قائمة فورتشن 500 لعام 2009 تأسست خلال فترة ركود، فإننا نعلم أن الأوقات الاقتصادية الصعبة يمكن أن تُنتج شركات ناشئة ذات أداء عالي".

وبالإضافة إلى ذلك يُشير التقرير إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة يمكن أن تكون مفيدة في الواقع للشركات الناشئة، إذ تركز رؤوس الأموال والمواهب في المشاريع التي تخلق قيمة، وتستبعد المشاريع ذات القدرة التنافسية المنخفضة، في الواقع في عام 2022 تم تمويل عدد أقل من الشركات الناشئة، ولكنها حصلت على مبالغ أكبر، وفقًا لتقرير GSER فإن حجم الصفقات زاد بنسبة 2% في المتوسط.

وفي تطور إيجابي آخر يُسلط التقرير الضوء على النقاط الإيجابية العديدة للشركات الناشئة الأوروبية، على الرغم من المشاكل الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية، فقد كان عام 2022 ثاني أكبر عام على الإطلاق لنشاط رأس المال الاستثماري الأوروبي بعد عام 2021، حيث تجاوز عدد الصفقات والمبلغ الأرقام قبل عام 2021.

وقد ازدادت حصة أوروبا من الشركات المليارية في العالم، حيث زادت من 14٪ إلى 20٪ في عام 2022، كما سجلت القارة زيادة في حصة النظم البيئية الناشئة والتي تتكون من مجتمعات الشركات الناشئة في مراحل النمو المبكر،بالإضافة إلى ارتفاع حصتها من 37٪ إلى 41٪ منذ العام الماضي.

كان أداء أوروبا أقوى أيضًا في فئة "البداية القوية"، التي تضم 25 نظامًا بيئيًا ناشئًا يتمتع بأنشطة تمويل في مراحل مبكرة، حيث يشكل النصف الأكبر من الفئة الأوروبية، بما في ذلك الأربعة الأوائل: اسطنبول وبرشلونة واستونيا ومدريد.

وفيما يتعلق بالنظم البيئية الرائدة، لا تزال لندن في المرتبة الأولى في أوروبا والمرتبة الثانية عالميًا، وتحتوي العاصمة البريطانية على أكبر عدد من الشركات المقدرة بأكثر من مليار دولار، وتشمل 83 صفقة خروج بقيمة تزيد عن 50 مليون دولار مثل شركة Wise بتقييم مالي قدره 12.2 مليار دولار وDeliveroo بقيمة 10.5 مليار دولار، وتبلغ قيمة Revolut وهي واحدة من أكبر شركات الخدمات المالية الرقمية في أوروبا تقريبًا 33 مليار دولار.

في المركز الثاني تأتي برلين حيث أنشأت العاصمة الألمانية خمسة شركات ناشئة جديدة في عام 2022، مما زاد إجمالي عددها من 14 إلى 19، وزادت قيمة صفقات الخروج التي تزيد عن 50 مليون دولار بنسبة 40٪ منذ تقرير GSER 2022، مع تحقيق AUTO1-Group أعلى قيمة في طرح عام أولي بقيمة 9.2 مليار دولار.

واحتفظت أمستردام بالمركز الثالث بفضل زيادة صفقات الخروج التي تتجاوز 50 مليون دولار، وعدد صفقات التمويل في مراحل مبكرة والشركات المليارية، وأحدث إضافة هي منصة البنك Backbase التي تقدر قيمتها بـ 2.7 مليار دولار.

يستحق النظام البيئي في زيورخ اهتمامًا خاصًا كذلك، إذ ارتفع مركزه 10 مراكز ليصبح في المرتبة 36 عالميًا، مما يمثل أكبر تحسن سنوي في أوروبا، وزادت قيمة صفقات الخروج التي تتجاوز 50 مليون دولار بنسبة 300٪، مع خروج شركة الرعاية الصحية Pharvaris بقيمة تقدر بـ 636 مليون دولار. وارتفع عدد الشركات المليارية، بداية من شركتين إلى ستة بما في ذلك شركة البلوكتشين Dfinity التي تقدر قيمتها بـ 9.5 مليار دولار.

تقدم زيورخ مزيدًا من الأدلة على أن الشركات الناشئة يمكن أن تزدهر في ظل التباطؤ الاقتصادي، ويتوقع جيه إف غوثييه -المؤسس والرئيس التنفيذي لشبكة ريادة الأعمال- ظهور المزيد من قصص النجاح في المستقبل.

وفي الختام قال جيه إف غوثييه:"بغض النظر عن التحديات الاقتصادية الحالية، نحن واثقون من أن رواد وصناع السياسات وقادة المجتمع في كل مكان يمكنهم، بفضل المعرفة المناسبة، أن يستغلوا الفرص للتعاون وإظهار كيف يمكن للتكنولوجيا المبتكرة أن تستمر في دفع النمو وخلق فرص العمل، وفي الوقت نفسه المساعدة في إنقاذ الكوكب وضمان مستقبل أفضل للجميع، ولا يمكن تأجيل هذه المهمة الأساسية بينما ننتظر الأوقات الاقتصادية العصيبة".