ركود اقتصادي بالرغم من التقدم التكنولوجي.. لماذا لا تجعلنا التكنولوجيا أكثر إنتاجية؟

رغم التقدم التكنولوجي الهائل خلال العقود الماضية بدءًا من الإنترنت ووصولاً إلى الذكاء الاصطناعي والروبوتات، يتساءل الاقتصاديون اليوم عن سبب النمو الاقتصادي غير المتناسب. فالثورة التكنولوجية لا تتعكس على البيانات الاقتصادية، مما يثير القلق حول الأثر الحقيقي للتكنولوجيا على الإنتاجية.

على سبيل المثال: من عام 1974 إلى عام 2008، شهدت الإنتاجية في المملكة المتحدة البريطانية معدل نمو سنوي يبلغ 2.3%. ومع ذلك، هبط هذا المعدل إلى 0.5% سنوياً بين عامي 2008 و2020. حتى أن الربع الأول من عام 2023 شهد انخفاضًا بنسبة 0.6% مقارنةً بالعام السابق. وقد لوحظ اتجاه مشابه في الدول الغربية الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي تراجع معدل نمو الإنتاجية فيها من 3.1% إلى 1.4% بين عامي 1995 و2019.

يمكن أن يُعزى هذا الاتجاه المتناقض للابتكار التكنولوجي السريع والانخفاض المتزامن في نمو الإنتاجية إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك كيفية قياس تأثير التكنولوجيا والطبيعة البطيئة للثورات الاقتصادية.

تقترح السيدة ديان كويل، الأستاذة في السياسة العامة في جامعة كامبريدج، أن الطرق الحالية لجمع وتحليل البيانات قد لا تكون فعالة في التقاط الأثر الاقتصادي للتكنولوجيا. "لاتخلو المجالات العَمَلية من استخدام الرقمية الآن، ولكن من الصعب تفسير ما يحدث بسبب غياب الإحصائيات المرئية الموثوقة، فنحن لا نجمع البيانات بطرق مثالية لفهم ما يحدث ولا نقيس تأثير التكنولوجيا بشكل صحيح"

على سبيل المثال: قد تقوم الشركة التي اعتادت الاستثمار في خوادم الكمبيوتر الخاصة بها وقسم تكنولوجيا المعلومات بالاستعانة بمصادر خارجية لمزود خارجي قائم على السحابة. ستحصل الشركة التي تقوم بالاستعانة بمصادر خارجية على أفضل البرامج وسيتم تحديثها طوال الوقت فهي موثوقة ورخيصة. ولكن فيما يتعلق بكيفية قياسنا لحجم الاقتصاد، فإن هذه الخطوة الفعالة تجعل الشركة تبدو أصغر وليس أكبر. ولم يعد يُنظر إليها على أنها تستثمر في هذا المجال من بنيتها التحتية لتكنولوجيا المعلومات، والتي كان من الممكن قياسها سابقًا كجزء من نموها الاقتصادي.

وبالتوازي مع ثورة القرن التاسع عشر الصناعية، أشارت كويل إلى كيفية تركيز البيانات بشكل رئيسي على القطاع الزراعي الذي كان يتناقص آنذاك، وتجاهلت التحولات الحاسمة في النفط والسكك الحديدية والمطاحن القطنية.

أثناء ملاحظة العالم لهذه الثورة التكنولوجية، يبدو أن المفتاح الأساسي للنمو العالي في الإنتاجية يكمن في اعتماد التكنولوجيا وقدرتها على التكيف واستغلال هذه التطورات بفعالية. أما السباق بالنسبة لمن يمكنه إتقان الجولة الرقمية فهو قائم، وسيصبّ نمو الإناجية في صالح من يمكنه استخدام التكنولوجيا بأفضل طريقة.