قضية إليزابيث هولمز تكشف مخاطر التظاهر بالنجاح في شركات التكنولوجيا الناشئة!

هل يجوز لرواد الأعمال في الشركات الناشئة أن يبالغوا أو يكذبوا حول منتجاتهم أو شركاتهم لجذب المستثمرين والعملاء؟ هذا هو السؤال الذي أثارته قضية إليزابيث هولمز، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة Theranos لاختبارات الدم، التي وجهت إليها تهمة الاحتيال من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) بسبب “تظاهر بالنجاح حتى تحققه”.

أصبح بدء شركة تقنية أمرًا أكثر سهولة في الوقت الحاضر، مما يتيح للرواد تقديم منتج ذا قيمة أدنى وعرضه بسرعة للسوق أو المستثمرين. ومع ذلك، أصبح من الصعب أكثر من أي وقت مضى لفت انتباه هذا السوق أو تأمين التمويل، مما يجعل الرواد يؤولون المزيد من الاهتمام لفكرة "تظاهر بالنجاح حتى تحققه" وهذه العبارة قديمة كالرواد أنفسهم، لكن تكمن المشكلة في أنها يمكن تفسيرها بأكثر من طريقة.

من جهة يعني بيع فكرة لمنتج غير موجود بعد، والاعتماد على فريق مؤهل قادر على تقديم التكنولوجيا لأي سوق، وتحقيق تقدم يظهر علامات النجاح.

ويمكن أن يعني كذلك بيع منتج غير موجود، والاعتماد على فريق قادر على خلق سوق لأي تكنولوجيا، وإظهار تقدم واعد.

 هذه الاستراتيجية قد تكون ضرورية للابتكار والتحدي في سوق مزدحم ومنافس، لكنها قد تكون أيضًا خطيرة إذا تعدت حدود الأخلاق والقانون.

هذا ما حدث مع Theranos، حيث ادعت الشركة أنها تستطيع إجراء اختبارات دم دقيقة وسريعة من خلال قطرات صغيرة من الدم بدلاً من أنابيب كاملة. جذبت الشركة اهتمام المستثمرين والشركاء والإعلام، وحصلت على تقييم يصل إلى 9 مليارات دولار، لكن كشفت تحقيقات صحفية أن التكنولوجيا التي استخدمتها شركة Theranos كانت ناقصة وغير موثوقة، وأن الشركة كانت تخفي حقائق وتزور نتائج، وهذا أدى إلى سلسلة من الدعاوى القضائية والفضائح والانهيار.

شركة Theranos ليست حالة فردية في عالم شركات التكنولوجيا الناشئة، وهناك أمثلة أخرى عديدة على شركات اُتهمت بالغش أو المبالغة في منتجاتها أو خدماتها أو أدائها، مثل شركة Zenefits التي غُرمت من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات لخداع المستثمرين بشأن امتثالها لقوانين التأمين، وشركة Uber التي واجهت انتقادات ومقاضاة لسوء سلوكها وانتهاكها للقوانين والأنظمة في عدة بلدان.

يسلط مسلسل "Hello Tomorrow!" الضوء ببراعة على جوانب "تظاهر حتى تنجح" في بيع شقق فاخرة على سطح القمر، ويعرض المسلسل الأمل للأشخاص اليائسين في تحقيق حلم العيش في المستقبل، وفي الوقت نفسه يستغل الأشخاص الأكثر ضعفًا بنفس الطريقة.

لا شك أن شركات التكنولوجيا الناشئة تلعب دورًا مهمًا في تطوير المجتمع والاقتصاد والعلم، لكنها تحمل أيضًا مسؤولية كبيرة تجاه المستثمرين والعملاء والجهات التنظيمية.

لذلك يجب على رواد الأعمال في هذا المجال أن يكونوا صادقين في عرض منتجاتهم ووصف شركاتهم، وألا يلجؤوا إلى الخدع أو الأكاذيب لتحقيق النجاح، فالتظاهر بالنجاح حتى تحققه قد يكون مُغريًا، لكنه قد يؤدي إلى الفشل والعقاب.