الهجوم بدلاً من الهروب في مسلسل Attack On Titan
تقييم الأنمي الممتع مسلسل Attack On Titan
مقال بواسطة سجى فلاح الشاهر
للصناعةِ مجالاتٌ متنوعة ومتعددة، لكن ما سنتحدث عنه اليوم ليس مجالاً تقليدياً بل إنه مجال لا يُستهان به أبداً على صعيد نشر الأفكار وزرع القبول وفرض الاحترام.
تجيد اليابان تقريباً كل الصناعات الحديثة والضرورية – عدا صناعة الأسلحة طبعاً (بقرار دولي بعد خسارة الحرب العالمية) – وتجد لها منافسين في أغلب المجالات، لكن المجال الوحيد الذي لا يُنافسها فيه أحد هو صناعة “الأنمي” (كلمة مقتبسة من أنميشن وتشير لجميع أعمال الرسوم المتحركة في اليابان) التي صار لها جمهور واسع عالمياً وبدأت تنتشر بقوّة وخصيصاً في الوسط الشبابي.
يبدأ مسلسل الأنيمي عادةً على شكل “مانغا” (قصة مصورة) وإذا لاقت نجاحاً وتميّزت كفايةً فستتحول إلى انمي يُترجم إلى الكثير من لغات العالم. فمن منا لا يتذكر مثلا: مغامرات الفضاء (جرندايزر)، عدنان ولينا الذي إذا ترجمنا اسم مسلسله حرفياً من الياباني يصبح (فتى المستقبل كونان)، إلى أعمال حديثة مثل: بليتش، المحقق كونان، ناروتو، القناص، ون بيس … الخ!
لكن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو مسلسل Attack On Titan .. مسلسل مميز بحق ويُعدّ واحداً من أجمل ما أنتجته شركات “الأنمي” في السنوات الأخيرة فقد تكاملت عناصره من حيث الحبكة ودقة التحريك والموسيقى المرافقة وأغاني الشارة وأصوات الشخصيات التي اختيرت بعناية.
مسلسل Attack on Titan أو “الهجوم على الجبابرة” احد أهم مسلسلات الأنمي التي كان لها حضور كبير عالمياً لأسباب عديدة منها:
- التحريك والدقة الرائعة والاهتمام بأصغر التفاصيل.
- الغموض، فكل حلقة تحتوي على كمٍّ كبير من المعلومات ومع ذلك تترك المشاهد مع كمٍّ اكبر من الأسئلة.
- الرمزية، بعيداً عن مادية القصة والأحداث الجارية فالمسلسل يحتوي على رمزيات كثيرة فمشاهدته تحتاج إلى نفس التهيئة العقلية لقراءة رواية لسوزان كولنز.
نبذة عن المسلسل
“المانغا” من تأليف “هاجيمي إيسياما” والمسلسل “+17” أي أن المسلسل لا يصلح للأطفال فهو يستهدف الفئة الشابة، ويأتي المسلسل من إخراج المبدع تيتسورو أراكي الذي أشرف بنفسه على إخراج مسلسل الأنمي الناجح Death Note.
تبدأ القصة باستعراض حياة الناس وكيف أنهم يعيشون حياة قد رُسمت لهم من سنين بقرارات أناس آخرين، قد تكون هذه القرارات صحيحة في وقتها ولكنها تحوّلت إلى قيد في أعناق الناس بعد مرور عقود.
كانت في وقتها خطوة لابد منها ولكن ليس لتقف الأجيال عندها بل لأجل أن تلملم الشتات وأن تستعد لأخذ الخطوة التالية، لكن للأسف كعادة البشر وسلبيتهم فهم يُفضّلون العيش بعقولِ وافكارِ غيرِهم حتى لو كانت قد أكل الدهر عليها وشرب، ولا تناسب حياتهم المُهددة بالانقراض.
إذا لم تشاهد هذا “الأنمي” فأنا أنصحك بإعادة النظر، ومن بدأ بالتفكير فاسمح لي أن أقنعك أكثر .. اسم “الأنمي” باليابانية Shingeki No Kyojin”” وبالانجليزية “Attack on Titan” يُترجم للعربية: “الهجوم على العمالقة” مع أني أفضل: “الهجوم على الجبابرة” لأنه تعبير أكثر دقّة.
عدد حلقات الموسم الأول 25 حلقة، والموسم الثاني سيُصدر العام المقبل مع العلم أن “المانغا” مستمرة..
المحاور التي يحاول “الانمي” استعراضها ومعالجتها لا تختلف جدا عن واقعنا الحالي، وهذا يُعدّ من أهم أسباب انتشاره:
الصراع بين الأجيال
فالجيل الشاب الفضولي المُستكشف ذو التفكير الخارج عن المألوف قد ملَّ من تكاسل الناس وخوفهم وله طموح كبير لاستكشاف العالم مهما كان ذلك خطراً، هذا الجيل يُصارع جيلاً قديماً جباناً، يصارع جيلاً شعاره: (الهروب خير من الموت)، جيلٌ يُفضّل عيش البهائم ليكون في مأمن على أن يخاطر ويستكشف ليكون إنسانا.
الفساد
فعلى الرغم من كل الموت والدمار (الخارجي) والأخطار الداهمة فهناك أيضا الفساد (الداخلي) والاستغلال الذي يمارسه أصحاب المال والسلطة، فالفساد متغلغل في أعماق الدولة، ونُلاحظ في لقطاتٍ سريعة أن لبعض الشباب طموح للإصلاح لكن لا تمتلك إلا أن يساورك الشك في انه ربما يفسد ذلك الطموح خلال المسيرة، لا نعلم بعد.
التناقض
في مجتمع منهك تماما يعيش في حالة من التناسي التام لوضعه البائس. تصرف الدولة الجهد والوقت وطاقات الشباب في تدريب من يرغب بالانضمام إلى الجيش، غير أن الأوائل من الجنود (نخبة النخبة) وبعد بذل جهود مضنية من التدريب والاستعداد الحربي قد يفقد البعض حياته فعلياً خلالها، ينضم هؤلاء النخبة إلى فيالق الحراسة ومهمتهم غالبا المراقبة فقط!
هي (فرقة عسكرية ذات مهام شكلية) بل هي عمود من أعمدة الفساد، وكأن تضييع طاقات الشباب ليس كافيا بل عليهم أن يَفسُدوا أيضا! بينما الجنود ذو الكفاءات القليلة ينضمون لفيالق ذات مهمات أصعب وبعضها قتالية خطرة في صفوف التماس مع العدو!
فالتناقض سيّد الموقف في مجتمع يعاني تهديداً خارجياً ينذر بإبادة ما تبقى من البشر ومشاكل داخليّة منها المجاعات المحتملة والنقص في كل شيء من وقود ومواد.
هناك أيضا تناقض آخر .. رجال الدين المتمسكون بأمن زائف ووهم عمره أكثر من 100 سنة، ليس إلا لخوفهم من الجديد والمقاومة، وتعليق خوفهم بأن كسر القواعد التي وضعها بشر قبل قرن هو ضد الدين!!! بدل تعليم الناس الأصل من الدين وهو التغيير نحو الأفضل والتحرر من عبودية البشر!
الإقصاء
الاتهام بالخيانة حاضر وجاهز لمحاولة إفناء الآخر لمجرد انه مختلف، دون أي شعور بالحاجة لفهمه على الرغم من الظرف الذي يجعلهم في حاجة مُلحّة لهذا الآخر واختلافه!!
الخسارة
خلال “الأنمي” تتعرض الشخصيات لكل أنواع الخسائر: البيوت، المدن، الأصدقاء، والموت، فالموت فرض نفسه بقوة بسبب الظروف، سنعيش معهم وهم يصارعون للبقاء، وسنشاهد معاناتهم في التعامل مع خساراتهم ومحاولات البعض للنهوض بعد الخسارة كل حسب شخصيته.
في مسلسل Attack On Titan برزت عناصر التغيير في ثلاث شخصيات، مختلفة في الطباع لكن مُتوحّدة في الطموح والأمل:
– الإصرار والإرادة، وحبّ الاستكشاف، واحتقار الاستسلام للبشر. في شخصية: “أيرين يغيير”.
– القوة والسيطرة على المشاعر، والإيمان بوجود من يحتاج إلى حمايتك. في شخصية: “ميكاسا اكرمان”.
– الذكاء وسرعة البديهة، وتقييم الفعل، والمخاطر المترتبة عليه. في شخصية “آرمين آرليت”.
يجتمع هؤلاء الثلاثة ليبدأ مشوارٌ جريء لحماية البشر عبر الهجوم على العدو وليس انتظار الموت خلف سجن الأسوار.
تريلر مسلسل Attack on Titan
يُذكر أن بسبب النجاح الكبير الذي حققه مسلسل الأنمي هذا، تم اقتباسه إلى فيلم سينمائي بدأ عرضه حديثاً في اليابان، تم قسم الفيلم إلى جزأين سيُعرض الثاني في نهاية هذا العام بالإضافة أيضاً إلى تجهيز لعبة فيديو تحمل الاسم ذاته.
تريلر فيلم Attack on Titan
هل شاهدتم هذا المسلسل؟ ما رأيكم به؟ شاركونا بآرائكم وتعليقاتكم..
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
مقال رائع عن اروع انمي على الاطلاق
مسلسل رائع .. هناك موسم آخر له سيصدر في فبراير 2012