قبل عرض فيلم Beverly Hills Cop: Axel F.. أين اختفى إيدي ميرفي كل هذه الأعوام؟

عندما وصف النقاد نجمة Gone with the wind الجميلة الراحلة فيفيان لي بأنها نجمة رفضت هذا الوصف تماماً بقولها "أنا لست نجمة سينمائية أنا ممثلة، أن تكون نجماً سينمائياً هي حياة زائفة تعاش لأجل قيم مزيفة ومن أجل الدعاية ". 

كثيراً ما يتم تشبيه هوليوود عملاق الصناعة السينمائية بالأدغال فعالم هوليوود شرس لا يرحم، إما أن تكون صياداً أو فريسة لا خيار آخر، عالم قاس صعب يحكم على مَن يعيشه بحياة قد تبدو لك للوهلة الأولى رائعة مريحة مرفهة.

لكن كونك نجماً يعني كونك مهدداً بالأفول في أي لحظة فهذه ليست حياة مريحة بالضبط لكن ومع ذلك لا يمكن إنكار الفضل الكبير الذي قدمته هوليوود لعالم الفن السابع سواء بأفلام أسطورية خلدت في الذاكرة والتاريخ السينمائي أو بممثلين ومخرجين وحتى موسيقيين تحولوا إلى رمز قوي لا ينسى.

ومع ذلك لم يمتلكوا مناعة حقيقية تحمي نجمهم من الأفول لقد تحدثنا سابقاً في "أراجيك فن" عن منبوذي هوليوود أولئك الذين طردوا شر طردة بسبب مشاكل قانونية أو آراء معينة لا تعجب سياسة هوليوود الإعلامية، لكن بعض نجوم هوليوود يخفت نجمهم بلا أي سبب واضح ويختفون بشكل مطلق عن الساحة بعد تحقيقهم لنجاحات هائلة.

مما يدفعك للتساؤل؛ أين يذهب هذا الممثل؟.. بعض هؤلاء يختفي بلا عودة حقيقية كأرنولد شوارزنيجر حاكم ولاية كاليفورنيا السابق ونجم الأكشن الشهير الذي فشل تماماً للأسف في استعادة أمجاده الغابرة أو نيكولاس كيج الرائع الذي لطالما أذهلنا بأفلامه المميزة والذي يجاهد بحق ليبقى في ذاكرة محبيه.

لكن بعضهم يعود عودة رائعة تسر محبيهم كروبرت داوني جونيور الذي أذهلنا بدور قد يكسبه جائزة أوسكار في فيلم نولان أوبنهايمر أو كيانو ريفز الذي أثبت أن العمر هو حقاً مجرد رقم.

وعاد بقوة بشخصية جون ويك ولا يمكن أن ننسى المفاجأة التي تفجرت منذ بضعة أيام مع إعلان نتفليكس عودة نجم الكوميديا الأسطوري إيدي ميرفي بجزء جديد من أشهر سلاسل أفلامه على الإطلاق Beverly Hills Cop على أن يطرح عَبر المنصة خلال عام 2024. 

واليوم في "أراجيك فن" نذكرك عزيزي القارئ بواحد من أشهر وأفضل ممثلي هوليوود في الثمانينيات والتسعينيات وأن نجيب على مجموعة أسئلة مثيرة؛ لماذا اختفى إيدى ميرفي كل هذه الأعوام؟ هل نجح في إعادة شعبيته القديمة؟ ما الذي يمكننا توقعه من فيلمه الجديد؟.. ونستهل مقالنا بتذكيرك بالأسطورة الكوميدية التي صنعها إيدي ميرفي.

كان إيدي ميرفي ولا يزال في الواقع رمزاً ثقافياً قوياً للمجتمع الأمريكي الإفريقي؛ إنه النجم ذو البشرة السوداء الذي استطاع منافسة النجوم البيض وفرض نفسه وروحه المرحة القوية في زمن لم يكن شديد التسامح بوسامته وابتسامته الواسعة، استطاع إيدي ميرفي خطف أقسى القلوب بأدوار رائعة رشحته ومنذ البداية لجوائز الجولدن جلوب في فيلم Best Defense.

الذي يعد انطلاقته الحقيقية بدور الملازم تي إم لاندري الدور الذي صنع شهرته الحقيقية وبدأ معها سلسلة نجاحات استمرت بأدوار ظريفة محببة كدوره الخالد بشخصية الدكتور جون دوليتل في فيلم Dr.Dolittle.  

الصادر عام 1998 والذي منح الحياة لسلسلة قصص أطفال شهيرة تروي مغامرات طبيب بيطري قادر على التواصل مع الحيوانات الدور الذي جعل إيدي ميرفي الممثل الأكثر شعبية بين الأطفال خاصة الجميع يحب دكتور دوليتل ويتمنى امتلاك قدراته الظريفة من الذي لا يرغب في فهم ما ترغب فيه قطته بالضبط! 

توصف الكوميديا الخاصة بإيدي ميرفي على أنها قاسية فظة ومع ذلك فهي رائعة بحق خاصة في تلك الأدوار المزدوجة التي يبدع إيدي ميرفي في تقديمها ففي فيلم The Nutty Professor 1996، حطم ميرفي شباك التذاكر.

 وأثبت قدرته الهائلة على إثارة الضحك الصاخب بتجسيده لدور الأستاذ شيرمان كلوب المفرط السمنة الذي يعاني من التنمر والسخرية الدائمة على شكله والذي يبتكر علاجاً غريباً يجعله يخسر 250 رطلاً في ثوان لكن خسارة الوزن كانت مؤقتة للأسف.

الأمر الذي يرغم شيرمان على امتلاك شخصيتين متضادتين تماماً شيرمان السمين الذي لا يتسع داخل كرسيه وبادي النحيل الرياضي الوسيم ليقع في مغامرات غريبة بين شخصيتيه المتضادتين؛ مغامرات لا تفشل أبداً في إضحاكك من القلب لقد كان إيدي ميرفي هو نجم التسعينيات بحق خاصة مع اختراقه عالم الرومانسية الكوميدية بالفيلم الرائع Coming to America.

الذي جسد فيه دور الأمير الأفريقي فاحش الثراء أكيم جوفر الباحث عن الحب الحقيقي، يعد هذا الفيلم من كلاسيكيات الكوميديا وواحداً من أفضل أعمال إيدي ميرفي خاصة أنه أدى فيه أربع شخصيات مختلفة لا يشبه أي منها الآخر ونجح في خلق حالة كوميدية لم يسبق لها مثيل حولت الفيلم إلى أسطورة كوميدية.

ومَن يمكن له ألا يميز الصوت الأجش المميز لإيدي ميرفي الذي قدم أداءً صوتياً رائعاً بدور دونكي الظريف المشاكس والصديق المقرب للغول المحبوب شريك. 

 الفيلم الذي دخل التاريخ كأول فيلم يفوز بأوسكار أفضل رسوم متحركة؛ إذ أن هذه الفئة استحدثت عام 2001 وافتتحت بأفضل أفلام الأنميشن بلا شك. 

لقد قدم إيدي ميرفي لهوليوود الكثير أكثر من أي نجم آخر واستطاع أن يكون منارة لقومه لأولئك الواقعين تحت عنصرية متوارية لا ترحم كان ميرفي نجماً ساطعاً بحق.

نرشح لك: مسلسلات الجريمة 2024.. ألغاز القتلة المتسلسلين في دراما تشويقية منتظرة!

ويمكن القول بلا أي مبالغة إن إيدي ميرفي صنع طفولتنا سواء بدوره الرائع الخالد كالدكتور جون دوليتل الذي كسب به القلوب وجعل الطب البيطري المهنة الأكثر روعة في العالم أو بصوته المميز بدور دونكي الذي قدمه بطريقة جعلت تخيل صوت آخر مكانه ضرباً من ضروب المستحيل أو حتى بأفلامه الكوميدية التي تدمج الأكشن بالإثارة بالكوميديا في مزيج لا يقدر عليه إلا كوميدي موهوب بشدة كإيدي ميرفي.

كان إيدي ميرفي كوميديًا حقيقياً بروح مرحة أصيلة ونكته حاضرة أبعد ما يكون عن السفاهة أو الابتذال الذي نراه في أيامنا هذه وواحداً من أبرز وأشهر نجوم التسعينيات وقد طبقت شهرته الآفاق بنجاحات متوالية توقفت فجأة مطلع الألفية الجديدة بعد سلسلة فاشلة من الأفلام التي لم تحقق نجاحاً يذكر. 

وبدأت المسيرة المتألقة للنجم الشهير إيدي ميرفي بالخفوت شيئاً فشيئاً حتى كاد أن يندثر تماماً من ذاكرة هوليوود في الواقع ظن كثيرون أن نجم الكوميديا الشهير قرر الاعتزال غير العالمين أن لاختفائه أسباب سنستعرضها حالاً. 

منذ أول ظهور له في عالم الكوميديا نجح إيدي ميرفي في لفت أنظار صناع الترفيه وسرعان ما أصبح واحداً من أصغر المشاهير الذين ظهروا في البرنامج الشهير Saturday Night Live عندما كان في الـ 19 من عمره ومن SNL ازدهرت حياته المهنية حتى أصبح من أسياد هذا الفن الصعب الكوميديا.

إن الكوميديا هي أصعب الفنون تقديماً بلا أي شك يمكنك دومًا إثارة التعاطف أو التشويق أو حتى الاستياء لكن أن تثير ضحكات حقيقية غير المفتعلة فهذا فن يتطلب موهبة حقيقية بكل تأكيد، في فترة الثمانينات استطاع إيدي فرض نفسه ككوميدي بارع بسرعة قياسية عن طريق أفلام حققت إيرادات أسطورية مثل Coming to America و HRS 48. 

وبالطبع Beverly Hills Cop أشهر سلاسل أفلام الكوميدية على الإطلاق.

استمر نجاحه هذا في التسعينيات مع فيلم The Nutty Professor الذي حقق 273 مليون دولار عالمياً عام 1996 أي أن هذا المبلغ كان أسطورياً آنذاك؛ نجاحات متعددة جعلت من إيدي ميرفي فتى هوليوود المدلل، إذاً ماذا حدث كيف أدارت هوليوود ظهرها لفتاها الذهبي؟ لهذا أسباب كثيرة يصعب حصرها لكن يمكن اعتبار أن بداية التراجع كانت مع الفشل المؤلم لفيلم The Adventure of Pluto Nash.

عام 2002 والذي اعتبرته شبكة سي بي إس نيوز إخفاقاً ملحمياً كما نال الفيلم تقييماً مريعاً على موقع rotten tomatoes بلغ 4% فقط.

لم تتعافى مسيرة ميرفي إطلاقاً من هذا الفشل المؤلم الذي كان بداية الغيث حيث قدم إيدي ميرفي سلسلة طويلة من الأفلام الفاشلة تجارياً ونقدياً مثل The Haunted Mansion 2003.

أو المصيبة البصرية Norbit 2007 الذي وصف أنه كارثة مؤلمة كانت مسيرة ميرفي تنهار لدرجة أنه أصبح اسماً متداولاً في عوالم جائزة Golden Raspberry أو الرازي المعادل الساخر للأوسكار الذي يمنح جوائزه لأسوء الأعمال.

 كل عام إن هذه الجائزة كابوس حقيقي لعالم الفن السابع لذا لك أن تتخيل شعور ممثل عظيم مثل إيدي ميرفي يتم تداول اسمه مراراً وتكراراً كأسوء ممثل لربما كان هذا هو ما قصم ظهره وجعله يقرر تعليق مسيرته الفنية لعدة أعوام.

كما شهدت الألفية الجديدة تغيراً جذرياً لأسلوب إيدي ميرفي الصاخب الذي قتل عملياً شخصيته القديمة وأصبح شديد الإنتقائية فيما يقدمه فقد اعترف ميرفي أنه لم يعد يقبل أي نص لا يعجبه فهو لم يعد بحاجة للمال لدرجة تدفعه لأداء دور سخيف في فيلم لا يلائمه فصافي ثروته يقدر بحوالي 200 مليون دولار.

أي أنه ليس بحاجة ماسة لأي عمل لهذا كانت الانتقائية عملاً ذكياً طالما سيتمكن النجم الشهير من العودة إلى مساره أو على الأقل لن يتم ترشيحه لجوائز رازي أخرى، لكن الرازي لم تكن السبب الوحيد فهناك أسباب أخرى دفعت ميرفي للغياب أهمها أن العالم تغير بشدة وأن هوليوود لم تعد متسامحة كالسابق مع النكت المسيئة القاسية.

 في الواقع لإيدي ميرفي تاريخ حافل مع الأوسكار إذ أنه وفي عام 2007 قام بتصرف وصف بغير اللائق عندما انسحب غاضباً من الحفل مع صديقته تريسي إدموندز بعدما خسر أوسكار أفضل ممثل مساعد الموعودة عن دوره في الفيلم الرائع Dreamgirls 2006 التي منحت حينها للممثل آلان أركين عن دوره في فيلم Little Miss Sunshine إن تصرفاً كهذا لا ينبغي إطلاقاً أن يخرج من ممثل مخضرم ذكي كإيدي ميرفي.

وإن كان هذا تصرفاً سيئاً فإن رفض ميرفي تقديم حفل الأوسكار عام 2011 كان كارثة حقيقية حيث انسحب ميرفي من تقديم الحفل بعد يوم واحد من استقالة المخرج بريت راتنر من منصبه كمنتج لحفل توزيع جوائز لوس أنجلوس بعد استخدامه للغة معادية للمثلية.

كان راتنر هو من أحضر ميرفي كمقدم لحفل الأوسكار كجزء من جهوده لبث حياة جديدة في الحفل الذي عانى كثيراً من انخفاض أعداد المشاهدات لذا فقد كان أملهم معقوداً على وجود كوميدي أسود بارع لجذب الجمهور لذا فقد كان فقدان ميرفي ضربة قوية للأوسكار.

يرى كثيرون أن تصرفات ميرفي كانت أبرز أسباب تراجع شعبيته في هوليوود فالأكاديمية تجيد إلغاء وجود من لا يسير على نهجها ومن يعلم لربما كان إيدي ميرفي ليسبب فضيحة توازي فضيحة ويل سميث لو استضاف الأوسكار فميرفي معروف بلسانه السليط الذي لا يرحم والكوميديا التي يقدمها فظة عنيفة.

نرشح لك:  الأوسكار 2024.. إليكم القائمة الكاملة لترشيحات جوائز Oscars 2024 🏆

لا قيود لها إن لميرفي سمعة معروفة كممثل كوميدي كريه الفم لا يضع أي قيود على لسانه ولا يكترث لأي اعتبارات الأمر الذي يجعله مضحكاً للغاية ذلك أنه وفي بداياته وأوج شهرته كانت الكوميديا حرة فوضوية بلا قيود ولا محظورات لكن الزمن تغير ولم يعد ميرفي ونكته الفظة وسخريته من أي شيء وكل شيء أمراً مرحباً به في هوليوود.

تذكر ما قالته نجمة السيتكوم الأشهر Friends جينيفر أنيستون أن المسلسل فائق الشهرة ما كان لينجح لو عرض في زمننا الحالي فكل النكت الموجودة فيه تعتبر الآن مسيئة أو عنصرية والحقيقة أن كل النكت في Friends شديدة التهذيب قياساً بنكت إيدي ميرفي الفظة القذرة التي لا تقيم أي اعتبارات من أي نوع لأي كان لكنها أيضاً لا تفشل في إضحاكك بأي حال. 

عَبر أعوام مسيرته الحافلة أغضب ميرفي كثيراً من النقاد بلا شك والذين لم يتوانوا عن رد الصاع صاعين والتشفي بالانحدار المؤلم الذي اتجهت إليه مسيرة الكوميدي الشهير المهنية بل أن بعض النقاد اتهموه أنه يسيء إلى العرق الإفريقي بأكمله بسخريته وحركاته الهزلية.

لقد تغيرت قواعد اللعبة ولم تعد الكوميديا بتلك الحرية القديمة، إذ أن الكوميدي هذه الأيام محاصر باعتبارات لا تنتهي ويمكن لكلمة خاطئة أن تنسف الحياة المهنية لأفضل ممثل لذا فإن ابتعاد ميرفي لم يكن خطأ حقيقياً، إنما فرصة للتراجع وإعادة الحسابات ومحاولة النهوض مرة أخرى واستعادة العرش المفقود كأفضل كوميدي في العالم والذي تربع إيدي ميرفي عليه وبفخر لعقود طويلة.

كانت خسارة ميرفي لأوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في الفيلم الموسيقي الرائع Dreamgirls.

 خيبة أمل قاسية للممثل الشهير بلا شك خاصة أنها ترافقت مع انحدار مؤسف لمسيرته الكوميدية وبعد سلسلة من الأفلام الفاشلة تجارياً ونقدياً قرر ميرفي أخذ استراحة طويلة لأسباب فسرناها سابقاً.

وقد تذكر ميرفي في بودكاست مارك مارون WTF عام 2021 الأمور التي جعلته يقرر الاعتزال مؤقتاً :" لقد توقفت عن صناعة الأفلام عام 2012 لأنني كنت أصنع أفلاماً فظيعة كان الأمر مثل هذا القرف ليس ممتعاً لقد منحوني رازيز، أولئك الأوغاد منحوني لقب أسوأ ممثل على الإطلاق لذا فكرت لربما حان وقت أخذ راحة قصيرة كنت أرغب في أخذ راحة لعام واحد ثم فجأة مرت ستة أعوام وأنا جالس على الأريكة كان بإمكاني الجلوس هناك دون أن أنهض لكنني لم أرغب أن يكون هذا آخر شيء يرونني أفعله".

لا شك أن هذا القرار لم يكن سهلاً على ممثل بحجم إيدي ميرفي ممثل أثبت نفسه بسرعة قياسية ككوميدي حقيقي وممثل من العيار الثقيل وقد طال الغياب بحق لكن ميرفي عاد عام 2016 وبعد أربعة أعوام من الغياب التمثيلي بفيلم درامي حمل اسم Mr Church.

والذي أدى فيه دور هنري جوزيف تشيرش الطباخ الذي يعقد علاقة أبوية غامضة مع أم مريضة بالسرطان وطفلتها الصغيرة شارلوت التي ترتبط بالسيد تشيرش بطريقة مميزة تغير حياتهما بالكامل لم يكن الفيلم هو العودة المرجوة لميرفي الذي بدا أنه حاول كل جهده.

طمس شخصيته المرحة القديمة الأمر الذي كان أكبر أخطائه، كما أنه نال مراجعات سلبية من النقاد الذين وصفوا شخصية السيد تشيرش بالسطحية والزيف، رغم القصة الإنسانية اللطيفة والأداء التمثيلي المقبول إلا أن السيد تشيرش لم يكن النهضة المنتظرة لمسيرة ميرفي المترنحة، لذا فقد اختفى مجدداً ليعود عودة حقيقية تليق بتاريخه العريق عام 2019 العام الأفضل سينمائياً بفيلم سيرة ذاتية كوميدي حمل اسم Dolomite Is My Name.

حيث جسد ميرفي دور صانع الأفلام رودي راي مور الذي عرف لأعوام طويلة بشخصية دوليموت في عروضه الكوميدية وسلسلة أفلام عرفت باسم Blaxploitation وهي أفلام تخصصت في تغيير النظرة النمطية للمجتمع الأسود، يمكن اعتبار هذا الفيلم العودة الميمونة للرائع إيدي ميرفي الذي أدرك أن الكوميديا هي مسرحه الأفضل.

وقد نال الفيلم إشادات كثيرة وتقييمات مرتفعة بلغت 97% على موقع rotten tomatoes الذي أجمع نقاده على أن تجسيد ميرفي لشخصية رودي راي مور الأغرب من الخيال جريئاً رائعاً مميزاً، لقد أبدع ميرفي في تجسيد هذه الشخصية لأنها شديدة الشبه بشخصيته الحقيقية إن كل من شاهد الفيلم الرائع تملكه هذا الإحساس الغريب بأن من يراه على الشاشة هو إيدي ميرفي الموهوب المرح الذي نفتقده منذ بداية الألفية الجديدة.

لقد أثبت ميرفي في هذا الفيلم أنه لا يزال ممثلاً ساحراً بارعاً قادراً على جذب الجمهور إلى صالات السينما ويبدو أن نجاح الفيلم شجع ميرفي على إعادة شخصية شهيرة محبوبة إلى الشاشة مرة أخرى إذ قدم عام 2021 فيلم Coming to America 2.

الذي أعاد شخصية الأمير أكيم المحبوبة بعد غياب 33 عاماً وقد نال الفيلم تقييمات متضاربة بين من رآه عودة موفقة لشخصية كوميدية محبوبة وبين من رآه مجرد استغلال تجاري لشخصية اشتهرت في الثمانينيات، لكن نجاح الفيلم كان مقبولاً للغاية ونال ترشيحاً للأوسكار عن فئة أفضل مكياج وشعر لربما لم يكن الفيلم بتلك الروعة لكن رؤية الأمير أكيم مرة أخرى في عصر جديد مختلف هو أمر رائع دوماً.

بعد طول سبات وانتكاسات عاد إيدي ميرفي بمسيرته المهنية إلى الدرب الصحيح أخيراً وبدأ بتقديم أفلام ناجحة بعدما فهم التغيرات التي طرأت على عالم الكوميديا 

تعد عودة ميرفي مهمة ليس فقط لأجل الجمهور المشتاق لكوميديا بارعة تلقائية، بل لأنه أحد النجوم القلائل الباقين في جيله بعد رحيل كل من مايكل جاكسون وويتني هيوستن، ففي الزمن الذي اشتهر فيه هؤلاء الأساطير كانت حياة السود صعبة بحق.

نرشح لك: يورجوس لانثيموس يثير الجدل بفيلم Poor Things.. هل فقد الإيمان بالإنسانية🤔؟

لكن أولئك المشاهير كانوا ضوء الأمل المشرق لكل موهوب راغب في الشهرة، في الواقع كان ميرفي هو من فتح الأبواب لمجموعة من الكوميديين السود، الذين أصبحوا أشهر من نار على علم ككريس تاكر وكريس روك وغيرهم الذين لربما ما كانوا ليظهروا على الساحة لولا وجود كوميدي فظ موهوب أسود البشرة هو إيدي ميرفي.

هذا الذي نجح في السيطرة على حياته المهنية بعد كبوة قاسية كادت أن تطيح به تماماً لكن وفي النهاية لكل جواد كبوة حتى لو كان هذا الجواد هو إيدي ميرفي شخصياً.

خلال مسيرته السينمائية قدم إيدي ميرفي شخصيات كثيرة لا تنسى، لكن شخصية المحقق الشاب المتهور أكسل فولي كان واحداً من أشهرها وأكثرها شعبية، ظهر أكسل للوجود عام 1984 في فيلم Beverly Hills Cop حيث أبدع ميرفي بتجسيد دور الشرطي الذكي المضحك العنيف في نفس الوقت.

ورغم الانتقادات الكثيرة التي نالها الفيلم إلا أن ميرفي بقي حصيناً ضد الانتقادات بفضل الأداء الرائع الذي كان فاتحة خير على الفيلم إذ تحول إلى سلسلة أفلام عرض الجزء الثاني منها عام 1987 تحت عنوان Beverly Hills Cop II والثالث تحت عنوان Beverly Hills Cop III عام 1994 لكن بنجاح أقل بكثير من الجزء الأول.

ومع ذلك بقي الجمهور في انتظار شديد للجزء الرابع الذي بدا أنه رحل طي النسيان، لكن أكسل فولي سيعيد ارتداء سترته المميزة Detroit Lions بعد 30 عاماً من الغياب بوجود إيدي ميرفي بالطبع الذي سيعود مجدداً لأداء هذه الشخصية المحبوبة في فيلم طال انتظاره بلا شك.

كان إصدار التريلر الرسمي الخاص بالفيلم مفاجأة رائعة لكل من أحب شخصية فولي ومن الواضح من التريلر أن ميرفي لا يزال شاباً وسيماً قادراً على تأدية دور فولي ببراعة وأن هناك الكثير جداً من الكوميديا الممزوجة بالإثارة تنتظرنا في 2024 خاصة أن الفيلم من إنتاج نتفليكس التي لا تبخل أبداً في إنتاجاتها العادية فما بالك بفيلم لإيدي ميرفي.

لو كنت من قراء "أراجيك" فلا بد أنك تعلم عن هوايتنا المحببة بتوقع أحداث العمل قبل صدوره ومما رأينا في التريلر الرسمي المشوق يبدو أن أكسل فولي وبعد ثلاثة عقود لا يزال سمكة خارجة من مياه ديترويت تائهة في بيفرلي هيلز الثرية الفاخرة وأنه سيعود مجدداً لمغامراته الجنونية المضحكة التي أمتعنا بها قبل أربعين عاماً.

وهذه المرة لمساعدة ابنته المنفصلة عنه جاين بأجواء تختلف بالطبع عن أجواء الثمانينيات القديمة، فالعالم تغير منذ تلك الأيام بلا شك، لكن الأمر الوحيد الذي لم يتغير هو أكسل فولي نفسه الذي لا يزال محتفظاً بجاذبيته وابتسامته الواسعة وضحكته المعدية وحماسه المجنون لعمله مع رفاقه القدامى النقيب جون تارغت والمحقق بيلي روزوود مما سيخلق الكثير من الكوميديا الرائعة التي افتقدناها بالتأكيد.

نرشح لك: أفلام وثائقية 2024.. فوضوية الألعاب الإلكترونية ومعايشة الواقع مع الأفلام المرتقبة!

حتى الآن لا يوجد موعد رسمي لإصدار الفيلم الذي سيصدر حصرياً عَبر نتفليكس، لكن المؤكد أن هذه العودة ستكون رائعة مميزة فقد افتقدنا أجواء ميرفي الكوميدية بما يكفي وآن أوان عودة طال انتظارها. 

في الحقيقة إن عودة سلسلة أفلام شهيرة بعد طول غياب أمر يحمل مخاطرة حقيقية؛ إذ أن احتمالات الفشل عالية خاصة بعد مرور فترة زمنية كبيرة ومسلسل أمازون المحبط The Lord of The Rings: The Rings of Power خير شاهد على كلامنا؛ إذ أن المسلسل فشل تمامًا في اقتباس أي شيء من سحر السلسلة الأصلية التي خلقت حالة سينمائية مذهلة لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

لكن وفي حالة Beverly Hills Cop  فالآمال معقودة على براعة إيدي ميرفي والشوق الكبير لكل مَن أحب شرطي ديترويت الظريف وتلك الكوميديا الممزوجة بالإثارة التي نفتقدها بشدة هذه الأيام لجعل الفيلم إضافة حقيقية لمسيرة إيدي ميرفي العائدة بعد طول عثرات وتقلبات كادت أن تطيح بإرثه السينمائي الرائع.. ما توقعاتك؟

نرشح لك: أفلام أكشن 2024.. قائمة مرتقبة تجعلك تشاهد مطارداتها لاَخر لحظة!