هؤلاء تبدعن في تجسيد نساء أسطوريات.. هل تكسب أنجلينا جولي التحدي؟

تقول الأدبية العظيمة مي زيادة: "من ظريف النكات في الثناء على المرأة الذكية قولهم إنها تجاري الرجال ولماذا لا تكون مجارية نفسها التي تكتشفها كل يوم".. تعدّ مي زيادة واحدة من رائدات الأدب العربي وأكثرهن شهرة، لقد نجحت الفتاة الصغيرة اللبنانية في فرض نفسها كأديبة وفيلسوفة في عالم الأدب الذي كان حكراً على الرجال آنذاك واحتوى صالونها الأدبي على أسماء لا تزال تعد من درر عالم الأدب العربي.

كانت "مي" واحدة من أولئك النسوة اللواتي تحدين المجتمع وقيوده ونجحن في كسر هذه القيود والانطلاق في الحياة لترك بصمة وأثر لا ولن يمحى ليس في الأدب فحسب بل في مجالات متعددة كالسياسة والفلسفة والفن بكافة أشكاله وأنواعه.

 مَن منا لا يعرف ولم يعشق صوت فيروز الدافئ المفعم بالحب والشوق للوطن، ومَن منا لم يسمع بإليانور روزفلت السيدة الأولى الأمريكية التي ترأست لجنة صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالطبع أوبرا وينفري سيدة الإعلام التي حاربت العنصرية والتمييز وتحولت لرمز إعلامي ثقافي عالمي، كثيرات هن النساء اللواتي غيرن وجه التاريخ الذي خلّدهن في المقابل بطرق عديدة لعل أشهرها وأرقاها السينما.

يعرف أدب السيرة الذاتية أو البيوغرافيا بأنه تصوير مراحل حياة شخص ما سواء قام بذلك بنفسه أو قام بها شخص آخر وقد أصبحت أفلام السيرة الذاتية ركيزة من ركائز الصناعة التي لا يمكن الاستغناء عنها.

إن تجسيد شخصية مشهورة هو أمر يحمل قدراً وافراً من المخاطرة إذ ينبغي على الممثل أن يدرس الشخصية ويفهمها تماماً وأن يلتزم بأسلوبها وحركاتها خاصة لو كانت شخصية مهمة واسعة الشهرة حينها سيقع في فخ المقارنة غير العادلة ولربما قد يخفق تماماً حتى، إن هذه الأدوار تتطلب ممثلين ذوي موهبة وحضور قويين لتحمل مسؤولية كهذه.

نرشح لك: أفلام المخرجات.. عندما تتلاقى الأنوثة والكوميديا في السينما 

ولا شك أن الجميلة ذات القلب الإنساني الكبير أنجلينا جولي واقعة تحت ضغط هائل حالياً إذ تداولت المواقع الإخبارية منذ بضعة أيام خبراً يفيد بأنها ستقوم ببطولة فيلم جديد يجسد سيرة حياة السوبرانو اليونانية الأمريكية ماريا كالاس التي كانت من أبرز مغنيات الأوبرا خلال القرن الماضي حيث سيركز الفيلم على أيامها الأخيرة.

خاصة إن "ماريا" عانت الكثير من المشاكل الصحية والفضائح الصحفية؛ سيكون الفيلم من إخراج بابلو لارين الذي سبق له إخراج أفلام سيرة ذاتية مهمة آخرها فيلم Spencer الذي تناول سيرة أميرة ويلز السابقة الليدي ديانا.

غابت أنجلينا جولي عن السينما فترة طويلة وقد لاقى آخر أعمالها Eternals نقداً حاداً لاذعاً حتى أنه وصف بأسوأ أعمال عام 2021 لذا فمن المتوقع أن يكون فيلم ماريا عودة قوية لممثلة أسطورية طال غيابها عن السينما.

في الواقع ورغم إن "جولي" اشتهرت بأدوار الأكشن والإثارة إلا أنها ممثلة درامية من الطراز الرفيع؛ إذ قدمت في فيلم Changelin أداءً أسطوريًا بدور الأم التي تحاول إقناع العالم أن الطفل الذي أعادته لها الشرطة ليس ابنها المفقود بل هو طفل آخر مختلف وقد حقق الفيلم نجاحاً خيالياً خاصة إنه مقتبس من قصة حقيقية وقعت في لوس أنجلوس عام 1928 لذا لا شك أننا سنرى أداء عظيماً من الرائعة أنجلينا جولي عندما تجسد دوراً درامياً صعباً لربما سيعيدها إلى الصف الأول.

أنجلينا جولي ليست أول ممثلة تجسد دور شخصية نسائية تاريخية مهمة؛ إذ سبق للعديد من الممثلات الموهوبات الارتقاء إلى مستوى التحدي وتجسيد شخصيات شهيرة تركت أكبر أثر في تاريخنا الإنساني؛ ويسرنا اليوم في "أراجيك فن" تقديم أبرز النجمات اللواتي أبدعن في تجسيد حياة نساء أسطوريات بطريقة رائعة استحقت أحياناً أرفع جوائز عالم الفن السابع الأوسكار فلنبدأ معًا..

وصف الأديب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق إديث بياف بأنها أم كلثوم فرنسا وهو وصف دقيق لصاحبة الصوت الحنون الدافئ الذي صدح في فرنسا المتألمة من الاحتلال النازي، والذي لا يزال حتى اليوم يصدح بقوة في فرنسا وفي العالم، لقد أصبحت "بياف" رمزاً فرنسياً قوياً يوازي في أهميته برج إيفل ومتحف اللوفر.

جسّدت الجميلة ماريون كوتيار حياة هذه المرأة الاستثنائية في فيلم حمل اسم أشهر أغانيها قاطبة الحياة وردية، كان أداء ماريون لهذا الدور الأسطوري قريباً من الكمال، لك أن تتخيل الضغط الذي كانت ماريون قابعة تحته، إديث بياف هي معشوقة فرنسا وصوتها الرخيم الحالم محفور في ذاكرة الفرنسيين حفراً خاصة إن حياة عصفورة فرنسا الصغيرة لم تكن سهلة بأي حال لقد كانت ابنة الشارع وكانت حطام إنسان أدمن المخدرات والكحول أعواماً حتى الحب لم تنل منه ما أرادت.

لقد عاشت إديث بياف لتغني وكانت شخصية معقدة غريبة، عاشت فوضى مؤلمة نجح المخرج الرائع أوليفييه داهان في نقله إلى الشاشة بأداء أسطوري من الجميلة ماريون كوتيار التي كانت على قدر التحدي وقدمت أداء راقياً يليق بشخصية بياف التي رحلت عن عالمنا عن عمر يناهز 47 عاماً فقط.

لقد رحلت إديث بياف باكراً لكن ماريون كوتيار أعادتها إلى الحياة في فيلم دخلت بفضله التاريخ من أوسع أبوابه عندما فازت عن استحقاق بجائزة أوسكار أفضل ممثلة لتكون أول ممثل فرنسي يمنح هذه الجائزة العريقة.

خلال تاريخ رؤساء أمركيا برزت بعض زوجات الرؤساء اللواتي حملن لقب السيدة الأولى وامتلكن شهرة توازي شهرة أزواجهن مثل ميشيل أوباما وإليانور روزفلت وجاكي كينيدي 

جاكلين كينيدي التي اشتهرت باسم جاكي زوجة الرئيس الأمريكي السابق جون إف كينيدي الرئيس الـ 31 للولايات المتحدة الأمريكية والذي اغتيل عام 1963 في دالاس تكساس من قبِل جندي البحرية السابق لي هارفي أوزوالد في حدث هزّ العالم بأسره ولا يزال حتى يومنا هذا حدثاً فاصلاً في تاريخ أمريكا.

رغم إن جاكي كانت مع زوجها في السيارة إلا أنها نجت بأعجوبة واستطاعت أن تحافظ على رقيها وشجاعتها ومسؤوليتها كالسيدة الأولى وكأرملة جون كينيدي، تعد "جاكي" واحدة من أشهر سيدات البيت الأبيض وأكثرهن شعبية في الواقع لم ترق أي سيدة أولى إلى جاذبية جاكي سوى ميشيل أوباما حسب رأي الأمريكيين. 

عام 2018 قدم المخرج بابلو لارين فيلم Jackie الذي يتناول حياة السيدة الأولى عقب اغتيال الرئيس كينيدي وقد جسّدت ناتالي بورتمان دور جاكي ببراعة حقيقية خاصة إن الأحداث تدور في فترة مظلمة من حياتها.

نال أداء بورتمان استحساناً جماهيرياً واسعاً، لقد نجحت بورتمان في إعادة جاكي إلى الحياة؛ تلك المرأة التي خسرت كل شيء فجأة وفقدت زوجها بطريقة دموية عنيفة واضطرت إلى تجاوز الأيام التي عقبت اغتياله محافظة على مكانتها المهزوزة كالسيدة الأولى في عالم يعج بالرجال الذين يعرفون أكثر منها ويقررون مصيرها نيابة عنها.

لقد كانت جاكي امرأة جبارة قوية استطاعت أن تصمد أمام مأساة مريعة وقد استطاعت ناتالي بورتمان تخليد ذكراها في هذا الفيلم الرائع الذي ترشح لثلاث جوائز أوسكار وحقق أرقام إيرادات أسطورية عام عرضه.

تعد الفنانة المكسيكية فريدا كالو أشهر رسامة تشكيلية في العالم، ولدت فريدا لأب مهاجر ألماني وأم مكسيكية في إحدى ضواحي كويوكان في المكسيك عام 1907.

تعرضت فريدا لمرض شلل الأطفال عندما كانت في السادسة من عمرها؛ مما ولّد إعاقة جسدية في رجلها اليمنى الأمر الذي ترك أثراً نفسياً قاسياً طبع حياتها وفنها لاحقاً.

عام 1925 تعرضت لحادث حافلة أرغمها على التمدد دون حراك لسنة كاملة وحينها اكتشفت موهبتها الحقيقية في الرسم رغم أنها لم تدرس الرسم أكاديمياً إلا أنها استطاعت تجسيد ألمها ومعاناتها في لوحاتها ورسومها، كان محور أعمال فريدا هو القدر القاسي المجرد لقد كان الرسم متنفسها الوحيد في حياتها التعسة المليئة بالألم 

عام 2002 قدمت سلمى حايك فيلم "فريدا" الذي أصرّت وبشدة على القيام ببطولته مجسّدة حياة المرأة التي لم تسمح للألم والمرض بقهرها.

صور الفيلم الحياة التراجيدية القاسية الصاخبة لفريدا والمعاناة التي حكمت سنوات حياتها، يمكن القول إن سلمى تفوقت على نفسها في هذا الفيلم واستطاعت أن تتحول إلى فريدا الفنانة ذات الشكل المميز مرهفة الحس التي تعاندها الأقدار ويخذلها جسدها يوماً بعد يوم.

نال الفيلم وبطلته استحساناً جماهيرياً ونقدياً واسعاً، كما ترشح إلى ست جوائز أوسكار فاز باثنتين منها، لا تزال فريدا خالدة بلوحاتها ومنزلها الأزرق المميز الذي يحتوي رمادها في كايوكان وبالطبع بالفيلم الرائع الذي نقل قصتها المؤلمة وحكاها للعالم بأسره.

لأعوام طويلة كان عالم السياسة حكراً على الرجال فحسب حتى إن النساء لم يمتلكن حق التصويت إلا بعد نضال طويل مرير، إلا أن بعض النساء استطعن فرض أنفسهن على هذا العالم والارتقاء في المناصب إلى أعلاها ليدخلن التاريخ كنساء ذكيات حصيفات صنعن أنفسهن في عالم الرجال.

ولا شك أن السيدة الحديدية مارغريت ثاتشر واحدة من أبرز هؤلاء النساء ومهما اختلفت مع ثاتشر وسياساتها فلا يمكن إلا الاعتراف بالتأثير الكبير الذي تركته ثاتشر كأول رئيسة وزراء بريطانية في عهد الملكة إليزابيث الثانية، لقبت ثاتشر بلقب السيدة الحديدية من قبِل صحيفة النجم الأحمر السوفيتية التابعة لوزارة الدفاع اللقب الذي أحبته ثاتشر ورافقها طيلة حياتها.

وقد استطاعت خلال فترة رئاستها ترك أثر حقيقي في السياسة البريطانية خاصة في مجال التعليم رغم إن بعض آراءها السياسية لا تزال محل نقاش حتى يومنا هذا إلا أن أحداً لا يمكن له إنكار إرثها السياسي الكبير.

ومن أفضل من الأوسكارية الرائعة ميريل ستريب لتجسيد دور شخصية معقدة متشابكة مثل شخصية أول امرأة تتولى منصب رئيس وزراء بريطانيا، كانت ميريل أسطورية رائعة؛ قدمت أداء تمثيلياً لا ينسى جسدت فيه التناقضات والصراعات التي عاشتها ثاتشر كامرأة تعمل في السياسة.

رغم الآراء المختلفة المتناقضة التي نالها الفيلم بسبب تناوله الفضفاض لسيرة ثاتشر الذاتية، إلا أن أداء ميريل ستريب نال استحساناً جماهيرياً واسعاً وحصلت بفضله على ترشيحها السابع عشر للأوسكار وفازت بها للمرة الثالثة في تاريخها الأسطوري الحافل. 

يُقال إن نورما جين بيكر التي اشتهرت باسم مارلين مونرو كانت أجمل نساء العالم، المغنية والممثلة الأمريكية التي لا تزال بعد عقود من وفاتها رمزاً حقيقياً للجمال والأنوثة، رغم كل جمالها وشهرتها لم تكن مارلين سعيدة في حياتها التي انتهت نهاية مأساوية لا تزال حتى يومنا هذا مطرح شكوك ونظريات مؤامرة مختلفة لكن أغلب الاحتمالات ترجح أن مارلين مونرو انتحرت.

خلال حياتها وحتى بعد وفاتها شغلت مارلين العالم بأسره وقُدمت حياتها في أعمال مختلفة سواء في السينما أو المسرح، لقد وقعت مارلين مونرو ضحية جمالها وسحرها الخلاب.

كان آخر الأعمال التي تناولت حياة مونرو هو فيلم Blonde الذي صدر العام الماضي محققاً نجاحاً واسعاً خاصة إن الجميلة آنا دي أرماس هي من جسّدت دور مارلين مونرو في تحد حقيقي لموهبتها، استطاعت آنا الارتقاء إلى مستوى التحدي ونجحت في تصوير حياة أيقونة الجمال المأساوية التي تم استغلالها من قبِل كثير من الرجال في حياتها حتى فارقتها عن عمر 36 عاماً فقط.

لقد نظرت هوليوود إلى مارلين مونرو على أنها جسد مثير ووجه جميل ولم يكترث أحد لموهبتها أو حتى لوجودها كإنسان له مشاعره وأحاسيسه، وكانت آنا دي أرماس بكل بساطة رائعة واستطاعت الولوج إلى عمق الشخصية وتقديم أداء لا ينسى كما أنها نجحت بفضل مارلين الترشح لجائزة الأوسكار لأول مرة في تاريخها.

أميرة ويلز السابقة والزوجة الأولى للملك تشارلز أو كما لقبت خلال حياتها القصيرة أميرة القلوب، ولدت ديانا سبنسر لعائلة بريطانية أرستقراطية وتزوجت أمير ويلز تشارلز عام 1981 في زفاف أسطوري لاقى إقبالاً جماهيرياً واسعاً إذ تم نقله عبر التلفاز مباشرة.

أنشأت ديانا الكثير من المشروعات الخيرية خاصة تلك المتعلقة بالأطفال واستطاعت بابتسامتها البريئة وروحها النقية جذب أنظار العالم إليها حتى بعد طلاقها من الأمير تشارلز عام 1996 الزواج التعيس الذي أثمر ولدين هما ويليام وهاري، ككل جميلات العالم لاقت ديانا حتفها عام 1997 بحادث مميت بعدما لاحق الصحفيون السيارة التي تستقلها مع الثري المصري دودي الفايد مما أدى إلى اصطدام السيارة بالنفق وفارقت أميرة ويلز السابقة الحياة تاركة حزناً عارماً لف العالم كله ونظريات مؤامرة لا تنتهي عن حقيقية هذا الحادث الأليم. 

عام 2016 أطلقت منصة نتفليكس مسلسل The Crown الذي يستعرض حياة الملكة إليزابيث الثانية وقد حقق المسلسل نسب مشاهدة مرتفعة خاصة إن الملكة إليزابيث كانت لا تزال على قيد الحياة عند عرض المواسم الأولى وقد أثار العمل استياءً شديداً لدى العائلة المالكة حتى إن الملك تشارلز أعلن رفضه التام متابعة المسلسل خاصة عندما ظهرت الشخصية الأكثر انتظاراً من قبل كل من تابع هذا العمل بشغف شخصية الليدي ديانا والتي جسّدتها إليزابيث ديبيكي ببراعة حقيقية.

لا يتعلق الأمر بالشكل الخارجي إذ إن أي أخصائي مكياج محترف سيتمكن من جعل ديبيكي شبيهة بديانا؛ الأمر يتعلق بتقمص هذه الشخصية المحبوبة وطريقة كلامها وحركاتها المميزة وتلك الطاقة اللطيفة التي تشع منها والألم الذي تسبب به تشارلز لها.

لقد أعادت إليزابيث ديبيكي ديانا إلى ذاكرة كل مَن عرفها وعرّفت أولئك الجاهلين بشخصيتها بتلك المرأة التي أحبها العالم كله باستثناء الرجل الذي أحبته، ومع انطلاقة الموسم السادس من المسلسل في نوفمبر ينتظر ديبيكي تحد آخر من نوع مختلف إذ إن الموسم سيتناول أيام ديانا الأخيرة؛ ولا ريب أنه سيتناول الحادث الذي أودى بحياتها، لكن ومما شاهدناه سابقاً من أداء مميز احترافي فلا وجود لأي شك أن إليزابيث ديبيكي ستكون على قدر التحدي الصعب.

لا شك أن المغنية والممثلة يولاندا كريستينا جيجليوتي المعروفة باسم داليدا هي واحدة من أشهر فنانات هذا العصر، ولدت داليدا في شبرا لأبوين مهاجرين إيطاليين وبقيت حتى آخر لحظة في حياتها تحمل حباً لا ينتهي للوطن الذي ولدت فيه مصر.

كانت داليدا ممن يمكن أن نطلق عليهن لقب فنانة شاملة؛ إذ غنت بتسع لغات العربية والإيطالية والعبرية والفرنسية واليونانية والألمانية واليابانية والإسبانية والإنجليزية، إضافة إلى موهبتها الغنائية امتلكت موهبة التمثيل وشاركت في أفلام عربية وعالمية كفيلم سيجارة وكاس للمخرج نيازي مصطفى وفيلم اليوم السادس مع الأسطوري يوسف الشريف لكن يبدو أن موهبة داليدا الرائعة أحرقت حياتها التي كانت سلسلة لا تنتهي من الخسارات والموت، توفيت داليدا عام 1987 منتحرة بجرعة زائدة من المهدئات؛ تاركة أثراً لا ينسى في قلوب مَن أحبها وفي ذاكرة الفن الذي اغتنى بصوتها المميز.

قدمت كثير من الأفلام حياة داليدا التي لم ينقص الموت من شهرتها شيئاً، وكان أحدث فيلم سيرة ذاتية لداليدا عام 2017 والذي حمل اسمها وقد جسّدت عارضة الأزياء الإيطالية سيفيفا ألفيتي دور الحسناء المعذبة داليدا.

رغم الانتقادات التي وجهت للعمل الذي رأى الكثيرون أنه يحط من قدر داليدا ويركز على مشاكلها النفسية أكثر من تركيزه على مسيرتها، إلا أن أداء سيفيفا المميز نال استحسان الجمهور والنقاد إذ بدت شبيهة جداً بداليدا واستطاعت تجسيد شخصيتها المعقدة المضطربة ونقل حضورها اللافت وجمالها الأخاذ إضافة إلى ألمها وبؤسها إلى الشاشة.

كانت غريس كيلي واحدة من أشهر نجمات هوليوود وأكثرهن جمالاً وشعبية لكن مسيرتها كممثلة توقفت بعدما تزوجت بأمير موناكو رينيه الثالث عام 1956 في حفل زفاف أسطوري نال اهتماماً وتغطية إعلامية واسعة كما أن فستان زفاف الأميرة غريس لا يزال حتى يومنا هذا واحداً من أجمل فساتين الزفاف وأكثرها أناقة.

كانت غريس أميرة محبوبة في موناكو وقامت بالكثير من الأعمال الخيرية كما سلبت قلوب أهل موناكو بلطفها وجمالها الأخاذ، أثمر زواج غريس ورينيه ثلاثة أطفال هم كارولين ألبرت أمير موناكو الحالي وستيفاني أصغر أطفال غريس والتي كانت مع والدتها في حادث السيارة الذي أنهى حياة الأميرة غريس عام 1982 تاركة أثراً فنياً وإنسانياً خالداً 

عام 2014 أعادت الجميلة نيكول كيدمان الأميرة غريس إلى الحياة في فيلم تناول فترة حرجة من تاريخ إمارة موناكو حمل اسم Grace of Monaco إذ ركز الفيلم على تلك المرحلة التاريخية حينما أراد رئيس فرنسا شارل ديغول ضم موناكو إلى فرنسا وإلغاء حكم رينيه.

بينما تتصارع غريس بين واجبها كأميرة وزوجة وبين شغفها التمثيلي بعد عرض تلقته من المخرج الأسطوري ألفريد هيتشكوك لبطولة فيلمه الجديد مارني.

لم يحقق الفيلم النجاح المتوقع بل على العكس تم انتقاده بشدة بسبب أنه وحسب النقاد قدم تصوراً ضحلاً لشخصية الأميرة غريس التي ضحت بمسيرتها المهنية الناجحة لأجل زوجها وعرش موناكو لكن أداء نيكول كيدمان المميز كالعادة أنقذ الفيلم نوعاً ما إذ نجحت نيكول في تجسيد براءة ونقاوة غريس كيلي محبوبة موناكو دون أي شك.

إنها جميلة ساحر أوز صاحبة الصوت الرقيق الحالم والفنانة الشاملة جودي غارلاند، اشتهرت جودي في فترة مبكرة جداً من حياتها الشهرة التي لم تجلب لها سوى الألم والضغط النفسي لقد كانت مجرد طفلة صغيرة وجدت نفسها حديث العالم كله رغم نجاحاتها الكبيرة في السينما والغناء.

جودي كانت تعاني من صورتها عن نفسها بسبب نظرة المديرين التنفيذيين الذين قالوا إنها غير الجذابة وتلاعبوا بمظهرها على الشاشة كما أنها عانت من كثير من المشاكل المالية تزوجت غارلاند خمس مرات، وانتهت الزيجات الأربع الأولى بالطلاق كما عانت طويلاً من إدمان المخدرات والكحول الأمر الذي أدى في النهاية إلى وفاتها بجرعة زائدة من المهدئات عن عمر 47 عاماً.

رحلت جودي غارلاند تاركة وراءها إرثاً لا ينسى وبقيت في ذاكرة هوليوود دوروثي الصغيرة التي تريد فقط العودة إلى البيت، عادت جودي غارلاند إلى الحياة مجدداً عام 2019 عن طريق الرائعة رينيه زيلويغر التي جسدت دورها في فيلم حمل اسمها Judy حقق الفيلم الذي تناول السنة الأخيرة من حياة غارلاند نجاحاً عالمياً.

واقتنصت رينيه جائزة أوسكار مستحقة عن دورها في هذا الفيلم؛ إذ استطاعت تقمص الشخصية ببراعة ونقلت معاناة الأيقونة الجميلة الحساسة جودي غارلاند بأداء أسطوري لا ينسى، ونجحت في جعلنا نندمج بأحداث الأيام الأخيرة لنجمة محبوبة عذبتها شهرتها المبكرة.

نرشح لك: نجمات بولييود صارعن الشر وتمردن على “كليشيه” الرومانسية الهندية!

كانت هذه رؤيتنا لنجمات نجحن في تجسيد شخصيات نسائية مختلفة، تشترك في حقيقية أنها غيرت وجه التاريخ بشكل أو بآخر، رغم إن بعض هذه الأعمال لم تحقق نجاحاً نقدياً؛ إلا أن تركيزنا الحقيقي كان منصباً على الأداء التمثيلي والقدرة على تقمص الشخصية.

إذ إن هناك عوامل كثيرة يحتاجها الفيلم كي ينجح؛ الأمر لا يتوقف فقط على براعة التمثيل، لقد استطاعت كل واحدة من هؤلاء الممثلات إعادة الحياة لامرأة لم تنسَ ولن ينساها التاريخ بسهولة واستطاعت السينما تخليدها بأرقى وأفضل وسيلة في هذا العالم.