أسباب حذف ما وراء الطبيعة من قائمة أفضل 250 عمل درامي على موقع IMDB

بعد خمسة أيام من صدور ما وراء الطبيعة الجزء الأول على منصة  نتفليكس Netflix أصبح هو حديث الناس في كل مكان حيث تصدّر المشهد ودخل قائمة أفضل 250 عمل درامي على مستوى العالم بموقع IMDB الشهير لتقييم الأعمال الفنية، لأنه أول تجسيد لأعمال الراحل أحمد خالد توفيق لسلسلة ما وراء الطبيعة كما أنه أول عمل تراجيدي للممثل الكوميدي أحمد أمين وأيضاً أول عمل مصري يتم عرضه على منصة نتفليكس.

فوجئنا بحذف مسلسل ما وراء الطبيعة من القائمة بعد صعوده حتى احتل المرتبة الـ187 في خلال 5 أيام فقط من عرضه فما السبب الحقيقي وراء حذف المسلسل من القائمة وهل للجمهور وصناع العمل دور في ذلك؟

أقرأ أيضًا: مسلسل ما وراء الطبيعة .. بين الدراما والإثارة لا يوجد رعب

جاءت حملة موجهة من جمهور المسلسل وصناع العمل لتقييم المسلسل على IMDB حتى ترتفع مشاهداته عالمياً، وبالفعل توجه المصريين لتقييم المسلسل وإعطائه 10/10 دون تفكير، وبعد أكثر من 40 ألف تقييم في خمسة أيام دخل المسلسل قائمة أفضل 250 عمل درامي على مستوى العالم!

بعد يومين خرج المسلسل من القائمة بسبب هجوم الجميع لإعطائه نفس التقييم لأن هذا ضد سياسات الموقع واعتبر أن التصويت إما زائف أو موّجه وهو ما لا يسمح به حتى يحافظ على دقته في تقييم وترشيح الأعمال.

فما هو سبب هذا الهوس الذي جعل مسلسل ما وراء الطبيعة يدخل ويخرج من القائمة في يومين؟

تنص سياسات IMDB لتقييم الأفلام في قائمة الأفضل 250 عمل درامي أن يكون العمل يحتوي على أكثر من 5 حلقات،  وأن يتم تقييمه من خلال أكثر من 5000 مستخدم منتظم.

طبقاً لنظام عمل الموقع، وبعد الحملة الموجهة لتقييم المسلسل وإعطائه 10/10  صعد بالفعل لقائمة الـ250 واحتل المرتبة الـ 187 ولكن بعد يومين من تصدّره القائمة فوجئنا بحذفه من القائمة تماماً، وذلك لأن الموقع اعتبر أن التقييمات موجهّة وليست حقيقية، الأمر لم يقتصر على ذلك فقط بل أن تقييمات المسلسل نفسه تنخفض بمرور الأيام فبعد أن وصلت التقييمات لمعدل 9.1 منذ صدوره انخفضت الآن إلى 8.8/10!

من ضمن سياسات الموقع أيضاً أن يحافظ على مصداقيته في التقييم والترشيح الخاص بالأعمال الفنية ولذلك يحرص على أن تكون قوائم الأفضل عالمياً صادقة وشفافة لا يمكن التلاعب بها وذلك من خلال تضمين المستخدمين المنتظمين على التصويت باستمرار على الموقع وذلك ما حدث عندما دخل آلاف المستخدمين لأول مرة في يومين لتقييم مسلسل ما وراء الطبيعة وإعطائه 10/10 فدخل القائمة بقوة دفع الجمهور في التقييمات قبل أن يحذفه الموقع من القائمة للحفاظ على شفافية العمل والموقع معاً.

حسب مشاهدات الناس فإن تقييم المسلسل على Netflix رقم 1 على مصر في المشاهدة ولكن حسب IMDB فإن المسلسل حصد تقييم 8.8 في 5 أيام.

ولكن إذا دخلنا على قائمة الـ Top 1000 voters للمسلسل وهي الأدق حيث أنها تتضمن المصوّتين الذين يدخلون الموقع باستمرار ويقيمّوا الأعمال سنجد أن متوسط التقييمات للمسلسل هي 5.2 فقط!

كما أن هناك فقط 12 مستخدم منتظم قام بتقييم هذا العمل! الأمر الذي جعل الموقع يشك في مصداقية القائمة ويحذفه من القائمة ويكتفي بالتقييمات على صفحة المسلسل نفسه.

أصبحت المسلسلات الأونلاين في الفترة الأخيرة هي الحائز على اهتمام الجمهور، وشهدت المنصات العربية والعالمية أعلى نسب مشاهدة للمسلسلات خاصة بعد فترة الحظر والغلق التام لجميع دول العالم.

وذلك أثر على المشاهدة الدرامية في مصر، فلم تقتصر المسلسلات على إنتاج رمضاني، بل أصبحنا نرى أعمال رائعة لا تعرض على الشاشات ولكن أونلاين من خلال أحد المنصات ، ومن هنا تغير السوق الدرامي تماماً ومنه كانت الفرصة الذهبية لعرض مسلسل ما وراء الطبيعة على منصة نتفليكس لتصبح متاحة للعالم كله وتنافس الأعمال الدرامية العالمية، لا أحد ينكر فرحة أي مصري بعلمه أن هناك مسلسل مصري يشاهده الآن مختلف الناس من 190 دولة!

ولكن هل هذا كافي لجعل العمل ناجح فنياً؟

هناك سر كبير في ارتباط المصريين بالراحل أحمد خالد توفيق، لأن الشباب مرتبط به ارتباطاً وثيقاً منذ الطفولة، ترّبوا على روايات الجيب الخاصة به وقصصه وألغازه، وشيعّوه في جنازته بنظرات الحب والوداع، حبهم له كبير لدرجة لا تجعل أعينهم ترى أخطاء رواياته وأحياناً تواضعها وسط الروايات الأخرى.

وهذا جيد مادام اقتصر على حب كاتبهم المفضل وتمسكهم بأعماله، ولكن منذ أن تم إعلان صدور مسلسل ما وراء الطبيعة والجميع في حالة ترقب، يتحدّون أن يجدوا خطأ واحداً لا يشابه روايتهم المفضلة لينتقدوه، فبدأ الجميع في تصيّد الأخطاء التي تناقضت مع الرواية، وإبرازها.

كان هذا سبب من أسباب تقييمات المسلسل المرتفعة حتى ممن لم يشاهد ما وراء الطبيعة بعد، فقط لهوَسهم بأعمال الراحل أحمد خالد توفيق ورغبتهم في أن يحتل الأسواق العالمية.

أقرأ أيضًا:روايات ما وراء الطبيعة Vs مسلسل نتفليكس؟ مناوشات الجمهور لصناع العمل

إن كان نصف المشاهدين هم محبي الراحل أحمد خالد توفيق يرغبون في رؤية أحد أهم أعماله متجسدة في عمل درامي، فإن النصف الآخر إن لم يكن الأغلب من محبي الكوميديان أحمد أمين والذين فوجئوا باختياره لتمثيل دور البطولة “رفعت اسماعيل” وهو دور جاد جداً ويكاد يكون كئيب، وكان اختيار موفق أتقنه أحمد أمين وبرع في أداؤه مما شجع الناس على إعطاء تقييم أكبر للمسلسل حباً في ممثلهم المفضل وتشجيعاً لدوره في المسلسل، وتغافلوا عن دقة التقييم.

هذا المزيج ما بين أفضل الروايات التي تجسدت أخيراً في عمل درامي على يد ممثل محبوب وتعرض على منصة عالمية، هو الذي جعل المصريين مصممين على تشجيع العمل حتى النهاية، فإن لم يكن لجودة العمل، فإنه لجودة المزيج الذي حرص عليه صناع العمل.

وهذا ليس تقييم لـ مسلسل ما وراء الطبيعة الذي لا ينكر أحد أنه عمل رائع، لكن جودة العمل لا تتناسب مع هوس الجمهور بجعله أفضل مسلسل عالمياً لأسباب أخرى غير فنية على الإطلاق، ربما هو انتماء لروح الكاتب الذي رحل وترك أثره خالداً في قلوبنا، ربما هو رغبة وطنية لأن نرى عملاً مصرياً ينافس الدراما العالمية، وربما لأنه مزيج من كل هذا وفرصة جيدة علينا اقتناصها وشكر العاملين عليها.

ولكن في كل الأحوال نأسف لخروج مثل هذا العمل الرائع من القائمة ونتمنى أن يحقق النجاح المرجو منه وأن تصل الأجزاء التالية إلى العالمية دون مجهود أو حملة تصويت.