ألبوم سهران … هذا ما حدث لعمرو دياب!

بأغنية دويتو مع إبنته جانا، وعدة أغاني عن حبيبته ”دينا الشربيني“ صدر ألبوم عمرو دياب ”سهران“ يوم عيد الحب بستة عشر أغنية هم في الغالب دمج بين ألبومين. الأول لم يصدر كاملاً في صيف العام السابق، بينما الباقي هي أغاني تتصدر لأول مرة ومنها ما قد تم تسريبه من فترة. 

بسبب ارتباط الشركة المنتجة ”ناي“ والتي يملكها الفنان عمرو دياب نفسه بعقد مع أحد شركات الاتصالات المصرية، فإن الأغاني متاحة حصرياً فقط لمشتركي هذه الشركة ولم تصدر بعد على المنصات الموسيقية المعروفة، ولكن ذلك لم يمنع تسريب أغاني الألبوم بالكامل على الساوند كلاود وشبكات التواصل الإجتماعي.

في القائمة الرسمية للألبوم ظهرت أربعة أغاني كانت قد صدرت بالفعل في الصيف السابق في ألبوم ”أنا غير“ و  هي ”بحبه“، ”قدام مرايتها“، ”يوم تلات“ و ”أول يوم في البعد“. بعضهم صدر بشكل رسمي على قناته باليوتيوب والباقيين تم تسريبهم تباعاً.

ضم فريق عمل الألبوم الشعراء تامر حسين بستة أغنيات وهو نصيب الأسد وهي أغاني “سهران”، “حايعيش يفتكرني”، جامدة بس”، “كأنك فى قلبي” ،”قدام مرايتها” ،”يوم تلات”، والشاعر أحمد المالكي وصابر كمال وخالد تاج الدين وعزيز الشافعي وأيمن بهجت قمر وتركي آل الشيخ، ولأول مرة يغني الهضبة من ألحان وكلمات أحمد زغلول مدير أعماله، الذي قدم له في الألبوم أغنية «روح».

كما شارك في الألبوم بالألحان الملحنين عمرو مصطفى ومحمد يحيي وشريف بدر وعزيز الشافعي بالإضافة إلى عمرو دياب نفسه، كما شهد الألبوم أول تعاون يجمع بين الهضبة وابنته جانا كمطربة وملحنة في أغنية «جميلة» من كلمات شادي نور وألحان بلال سرور وجانا، التي تغني فيها مقطعاً باللغة الإنجليزية من كلماتها.

أما التوزيع فقد شهد عودة قوية لأحد أعمدة التوزيع الموسيقي في مصر الفنان طارق مدكور، ومن الجدد رامي سمير، بينما يظهر نادر حمدي وأسامة الهندي في القائمة.

بشكل عام يغلب على الألبوم روح الفرحة والمرح، الألحان والتوزيع وأصوات الالآت جديدة في المجمل، حتى الأغاني ذات الإيقاع الحزين نسبياً كان صوتها جديداً وموضوعاتها مختلفة. إن عمرو دياب يثبت كل مرة أنه محور العمل الفني بينما يدور فريق العمل كله حوله.

ظهرت موسيقى روح عمرو دياب القديمة في أغاني مثل ”روح“ و ”مكانك في قلبي“ و ”هايعيش يفتكرني“، وظهر بشكل جديد في ”جميلة“ و ”زي ما انتي“ و ”حلوة البدايات“ التي تعتبر من أجمل توزيعات الأغاني في الألبوم للموزع نادر حمدي، حيث مزج ما بين موسيقى البوب والمقسوم والتكنو. اعتمد عمرو في الألبوم بشكل عام على أصوات الجيتارات الإسبانية والإيقاعات المبهجة.

في نفس الوقت كان عمرو متواصلاً مع السوق الموسيقي الحالي أو ”التريند“ عندما اختار ألحان عزيز شافعي في أغنيتَي ”يوم تلات“ و ”سهران“ واللتان تشابهتا في الطرح الدرامي والإيقاع المقسوم والكلمات الصادمة والجديدة تماماً في قاموس عمرو دياب.

كما أنه هناك مغامرات وتجارب جديدة على مستوى الموسيقى فإن كلمات الألبوم شهدت النصيب الأكبر من التجريب والمخاطرة على مستوى الكلمات، فمن كان يتخيّل أن ”جامدة بس“ يمكن أن تكون عنوان أغنية لعمرو دياب، هذا التعبير الدارج بين الشباب في الفترة الأخيرة، وكيف وافق أن يطرح فكرة ”عليكي شياكة خطفتني ومشية عارضة أزياء“ في أغنية أخرى عنوانها ”يا روقانِك“! أو بعد أربعين عاماً من الإبداع يخرج لنا بجملة ”دي اللي ع الكل هاتعلّم“ في أغنية ”بالضحكة دي”!

ثم تكون الثورة الأكبر في أغنية ”عم الطبيب“ التي كتبها ”صابر كمال“ والتي تحتوي على كم كبير من الألفاظ والمعاني العامّية الأقرب إلى الموسيقى المستقلة التي طالما أكد عمرو دياب أنه لا يستصيغها ولا يقدم ”موسيقى المثقفين“، ولكننا هنا نسمعه يقول ”عم العطار شوفي لي من عندك تحبيشه.. أحلّي بيها مرار العيشة“، بينما أكتب لكم الآن ما زلت لا أصدق أنني أكتب مراجعة لألبوم عمرو دياب. وهذه الأغنية تحديداً هي من ألحانه ولا يمكن لأي مستمع أن يغفل التشابه في اللحن بينها وبين ”رصيف نمرة خمسة“ التي قدمها في عام ١٩٩١!

لا يمكن أبداً فصل التغييرات التي تحدث في حياة الفنان الشخصية عن إبداعه، وخصوصا في حالة فنان صادق ومرهف ونجم كبير مثل الفنان عمرو دياب. ابحث عن المرأة. وستجدها بسهولة في الفنانة ”دينا الشربيني“. طوال استماعنا إلى أغاني الألبوم ونحن نرى صورة لا تغيب لإمراة فاتنة محبة عاشقة تظهر في معظم الأغاني. استمع مرة أخرى إلى أغاني مثل ”يا روقانك“ ”بالضحكة دي“ ”جامدة بس“ و ”قدام مرايتها“ ثم أستطيع أن أجزم أن ”يا نجمة وعالية في مكانك“ هي عن ”دينا“ ولها!

عمرو دياب يعلن عن قائمة أغانيه المفضلة على تطبيق Spotify Arabia ”سبوتيفيّ“

ليس تأثير الحب فقط هو ما نتج عنه هذا التطور والتغيير في رؤية عمرو الموسيقية، ولكن ذكاؤه الفطري المعهود عنه في مواكبة أي تغيير يحدث في الذوق العام أو التعامل مع المواهب التي نجحت مع غيره، وتطويع موهبتهم لصالحه مثل عزيز شافعي وصابر كمال في هذا الألبوم.

حيث أن عزيز اشتهر بأغاني شبه فولكلورية ذات إيقاع راقص مثل ”بتاع النعناع“ و ”خطوة“ بينما حققت أغنية ”ملطشة القلوب“ من كلمات صابر كمال نجاح منقطع النظير في الصيف السابق لدرجة أنها غطت على نجاح ”يوم تلات“ التي كانت متصدرة قبلها. ثم يغازل فكرة موسيقى المهرجانات بكلمة واحدة ”هاعمل مهرجان“ في أغنية ”مهرجان“ فقط لأنه يعلم أن اللفظ أصبح دارجاً.

والأهم من ذلك كله هو استيعابه التام أن مواقع التواصل الإجتماعي أصبحت عامل النجاح الأول ولذلك أصبح بشكل متعمد أو غير متعمد يسمح بتسريب أغانيه من الحفلات كما فعل مع ”عم الطبيب“ قبل صدورها بأسبوع كامل! كما أن أصطياده لـ ”تريند“ ”يوم التلات المنحوس“ عند رواد مواقع التواصل هو بالتأكيد ليس محض صدفة.

أصبحنا نرى عمرو دياب في الحفلات والسهرات الخاصة، وصوره موجوده على كل مواقع التواصل، ورأيناه يغني في مهرجان القاهرة السينمائي ”رصيف نمرة خمسة“ وهي الأغنية التي ظل لفترات طويلة لا يعترف بها من الأساس. ثم ها هو يصنع ثلاثة أغاني بها تيمة الخروج والسهر والانطلاق وهي ”سهران“ عنوان الألبوم كله و ”يوم تلات“ و “حلوة البدايات”. كأنه يعلن ”أنا غير“ عنوان الألبوم الصيفي و ”سهران“ عنوان الألبوم الشتوي.

تتأثر الموسيقى بصانعها، وتحبه ويحبها ولا يوجد في حياة عمرو دياب حب يفوق حبه لفنه، ولذلك فإنه إذا صادف حب يؤجج من حبه وشغفه لفنه فإنه لن يتركه ” ده لو اتساب لا ده أن يجيلي تعب أعصاب“. ألف سلامة على أعصابك يا أستاذ عمرو وتعيش دوماً لتمتعنا بفنك وموهبتك وذكائك.