تريند 🔥

🤖 AI

شيزوفرينيا اللغات… هل تعلم أن شخصيتك قد تتغير عند تحدثك بلغة أجنبية؟

شيزوفرينيا اللغات
هدى قضاض
هدى قضاض

5 د

يتجاوز تأثير تعلم اللغات نطاق التعلم المجرد إلى أبعد من ذلك، حيث يمكن أن يرتبط بثقافات البلدان والسيطرة على القلق… بل أكثر من ذلك، قد يؤثر التأنيث والتذكير على نظرتنا للأشياء! بين هذا وذاك، يمكن لتعلم اللغات الأجنبية أن يؤثر أيضًا على شخصية المتحدث، حيث أن هذه الأخيرة قد تتغير كلما تغيرت لغة التحدث. أمرٌ غريب قد يكون أقرب إلى ما يعرف باسم شيزوفرينيا اللغات سنحاول أن نقدمه بطريقة بسيطة في القادم من الأسطر.


دراسات تثبت تغير الشخصية حسب اللغة المستخدمة للتعبير

أجمع الباحثون أن تعلم اللغة قد يغير شخصية المتعلم، وذلك استنادًا على مجموعة من الدراسات، أولها دراسة أجريت في الستينيات من قبل عالمة النفس سوزان إرفين تريب Susan Ervin-Tripp، وهي شخصية رائدة في دراسات علم النفس وتنمية اللغة بالنسبة للأشخاص ثنائيي اللغة. أجرت سوزان إرفين تريب على وجه الخصوص أولى الدراسات التجريبية مع البالغين ثنائيي اللغة (أي يتحدثون لغتين اثنتين) حيث أرادت أن تكتشف بمزيد من التفصيل الفرضية القائلة بأن محتوى الخطابات ثنائية اللغة يتغير وفقًا للغة.

في عام 1968، اختارت سوزان إرفين تريب أن تقيم تجاربها على نساء يابانيات يعشن في سان فرانسيسكو وتزوجن من أمريكيين. وتم انتقاء نساء معزولات نوعًا ما عن الجالية اليابانية المقيمة في أمريكا بحيث يكون لهؤلاء النساء فرص قليلة جدا للتحدث باللغة اليابانية. اقترح الاستبيان الذي أعدته سوزان إرفين تريب على وجه الخصوص التعبير عن الشعور في الحالة التالية: “عندما تختلف رغباتي عن رغبات أسرتي، أشعر ب…”. إذا كان المتحدثات اليابانيات قد أكدن بشكل أساسي على الشعور “بألم كبيرة” في اللغة اليابانية، فإن الشعور المعبر عنه باللغة الإنجليزية كان مختلفًا بشكل جذري لأنهن صرحن بالشعور ب”ضرورة التصرف وفقًا لرغباتي”. وبالتالي نلاحظ الاختلاف بين الشعورين المصرح بهما بلغتين مختلفتين.

قد تظن الأمر صدفة بسيطة، لكنه ليس كذلك، فهناك دراسة ثانية أجرتها الباحثة ميشيل كوفن Michele Koven عام 1998 مع المهاجرين الباريسيين البالغين في البرتغال، حيث طلبت منهم سرد تجارب شخصية معينة بكل من اللغة الفرنسية والبرتغالية. وهنا أظهرت النتائج تغييرات كبيرة في الشخصية. مثلًا، كانت النساء أكثر ميلاً للدفاع عن أفكارهن في قصصهم باللغة الفرنسية، في حين أنهن قدمن الكثير من التنازلات عند السرد باللغة البرتغالية.

في نفس السياق، طلبت ميشيل كوفن من المشاركين تعريف أنفسهم باللغتين. إحداهن، والتي عرّفت نفسها بأنها “ساكنة أحد الضواحي الغاضبة” عندما تحدثت الفرنسية، اختارت وصف نفسها بأنها “عميل بنك محبط ومهذب وصبور، لا ترغب في لفت الانتباه لكونها مهاجرة “عندما تحدثت بالبرتغالية. وهذا يبرز التغيير الذي قد يحدث كلما تغييرت لغة التعبير.

رغم ما أظهرته هذه الدراسات من نتائج مهمة إلا أنه من الواجب التمعين جيدًا في حيثيات تنفيذها، فالدراستين لما تأخذا بعين الاعتبار السياق الذي تم فيه تعلم اللغات التي يتحدث بها المتطوعون، تمامًا مثل الاختلافات الجوهرية بين كل لغة وأخرى.


تعلم لغة أجنبية: قصة سياق

يعد سياق تعلم اللغة أمرًا ضروريًا لفهم إدراكها، وبالتالي تعزيز الشعور الإيجابي أو السلبي الناتج عنها. في الواقع، إن تعلم لغة جديدة أثناء الرحلة أو أثناء الدراسة أو لأسباب مهنية لن يولد نفس الشعور والإدراك للغة عند المتعلم، والذي لن يتقن بالضرورة اللغة المُتعلمة بنفس الطلاقة. فالتحدث باللغة الأجنبية على سبيل المثال، بطريقة مفروضة من النظام التعلمي أو من الوالدين قد يولد شعور سلبيًّا عند المتعلم، وبالتالي قد يتسبب ذلك في انسداد التعلم أو الفشل فيه، على عكس تعلم لغة أجنبية يختارها المتعلم عن رغبة حقيقية منه للتعلم، فسيتقنها بشكل أفضل مولدًا شعور إيجابيا اتجاهها.

في نفس السياق، سلط الصحفي الأمريكي روبرت لين غرين Robert Lane Greene الضوء على حقيقة أن الأشخاص ثنائيي اللغة يربطون لغة أجنبية بسياق معين مؤدي إلى تعلمها ولا سيما مع تجارب عاطفية معينة خلال حياتهم والتي قد تؤثر على قدراتهم التعبيرية، بل وعلى تعلمهم للغة ككل.

بين هذا وذاك، فإن سياق التعلم مهم جدًا لتحديد درجة التعلم، والتي تساهم بدورها في معرفة مدى إتقان اللغة والقدرة على التعبير باستخدامها، دون أن يرتبط ذلك بطريقة أساسية بتغير الشخصية، فقد يكون الاختلاف الملاحظة نتيجة لافتقار المصطلحات لا أكثر وليس تغير فعليًّا في شخصية المتحدث.


تعلم اللغة vs نظرتنا للعالم ككل

إذا كان سياق التعلم يلعب، كما رأينا، دورًا مهمًا، لتحديد كيفية التعلم، وبالتالي التأثير على شخصية المُتعلم، فماذا عن الأشخاص الذين تعلموا بالفعل لغة أجنبية جديدة إجابة على هذا السؤال، تميل العديد من الدراسات إلى إظهار أن شخصية متعلمي اللغات الأجنبية قد تزدهر أكثر أو أقل اعتمادًا على اللغة المستخدمة، حيث تظهر بعض الدراسات أن هيكل اللغة يمكن أن يعدل ويؤثر في الواقع على طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأشياء… وبالتالي في ازدهار أفكارنا ومعها – بالتوازي – شخصيتنا.

في هذا الصدد، يشتهر ويلهلم فون همبولدت Wilhelm von Humboldt، الذي كان وزير الدولة البروسي ومؤسس جامعة برلين الجديدة، بعمله في مشروع أنثروبولوجي لتوصيف الأمم، والذي ضم اللغة كعنصر أساسي لوصف المجتمع البشري. وفقًا لويلهلم فون همبولدت : تنقل اللغات رؤية للعالم بشكل خاص حسب كل مجتمع بشري، حيث يُعتقد أن رؤيتنا للعالم هي انعكاس لغتنا وثقافتنا. وبالتالي فإن التحدث بلغة ثانية يغير وجهة نظرنا بشكل طبيعي يسمح لنا برؤية بيئتنا من زاوية مختلفة.

ذو صلة

أيضًا، أظهرت دراسات أخرى، مثل تلك المتعلقة بالنسبية اللغوية التي أجراها اللغويان الأمريكيان إدوارد سابير Edward Sapir وبنيامين لي وورف Benjamin Lee Whorf في الخمسينيات، علاقة قوية بين اللغة والمفهوم الخاص للعالم. وفقًا لهما، فإن الأشخاص يعيشون حسب ثقافاتهم الخاصة في أكوان معينة ويعبرون عنها من خلال لغتهم المستخدمة للنطق والتعبير.

تثبت الكثير من الدراسات إذًا أن مجرد التحدث بلغة أجنبية قد يؤدي إلى تغير في شخصيتك. وبالتالي، فللتعبير عن أفكارك بنجاح وبأكبر قدر ممكن من الدقة، من المهم تعلم واستخدام مفردات دقيقة ومتنوعة. ولهذا السبب، لابد أن تعمل على تقوية مصطلحاتك وأسلوبك اللغوي بشكلٍ يخول لك الحصول على مساحة تعبير كافية لانتقاء المناسب من الكلمات والجمل.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة