هل توجد الثقوب البيضاء فعلًا في الكون؟ .. تعارض النسبية العامة مع الديناميكا الحرارية

ظل العلماء لفترة طويلة يبحثون عن الثقوب السوداء، حتى استطعنا فهمها وتصويرها، لكن ظهر لنا نظيرتها الغامضة وهي الثقوب البيضاء التي أثارت جدلًا واسعًا بين العلماء، إذ توجد بعض النظريات التي تُثبت وجودها، كما توجد نظريات أخرى تُثبت استحالة وجودها في الطبيعة، فهل الثقوب البيضاء موجودة فعلًا في الكون؟

لفهم الثقوب البيضاء علينا فهم الثقوب السوداء أولًا، إذ تنتج من انهيار النجم ثم انكماشه على نفسه فيزداد الضغط جدًا حتى يصل إلى نقطة صغيرة لا نهائية تُعرف باسم التفرد، وفي الثقوب السوداء تُهمين قوى الجاذبية على جميع القوى الأخرى، لدرجة أنه لا يوجد شيء في الكون يستطيع الهرب من قوى الجاذبية الخاصة بالنجوم السوداء حتى الضوء، ويحيط بنقطة التفرد أفق الحدث، وهو حدود قوى الجاذبية القوية.

على النقيض تمامًا، فإن الثقوب البيضاء نظريًا تتكون نتيجة تشغيل عملية تكوين الثقوب السوداء بالعكس، وطبقًا لنظرية النسبية العامة لأينشتاين التي ترى أن الزمن محايد، ولا تأخذ تدفق الزمن كعامل مؤثر، فإنه نظريًا يمكن أن توجد هذه الثقوب البيضاء في الكون، وبعكس عملية تكون الثقوب السوداء فإننا سوف نحصل على نجم ضخم عملاق.

وبالمثل سوف تمتلك الثقوب البيضاء نقطة تفرد وأفق حدث، لكن لا يمكن لأي مادة دخول الثقوب البيضاء، لأنه بمجرد الدخول سوف تُطرد بسرعات تتجاوز سرعة الضوء نفسه، وينتج عن ذلك ظهور توهج أبيض مُشع، وعلى الرغم من أن نظرية النسبية العامة لأينشتاين تسمح بتواجد الثقوب البيضاء في الكون، فإنه يوجد عدة نظريات أخرى تنفي إمكانية حدوث ذلك مثل نظرية الديناميكا الحرارية، التي تحتوي على مفهوم الإنتروبيا وهو مقياس الاضطراب داخل النظام.

ينص القانون الثاني لنظرية الديناميكا الحرارية أن الاضطراب في النظام يزداد فقط، ولا يمكن تقليله، فببساطة لا يمكننا عكس عملية تكوين الثقوب السوداء وتكوين ثقوب بيضاء لأن ذلك سوف يؤدي إلى تقليل الإنتروبيا وهذا لا يمكن حدوثه طبقًا للديناميكا الحرارية.

الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تكوين ثقوب بيضاء هي أنها تكونت في بدايات الكون بطريقة غريبة، تحجب وجود الثقب الأبيض في نسيج الزمكان نفسه، وهذا لن يُسبب تقليل الإنتروبيا، ببساطة تكونت الثقوب البيضاء مع بداية الزمن.

كما أن الثقوب البيضاء لن تكون مستقرة، إذ أنها سوف تقوم بجذب الأجسام وطردها بسرعات عالية، ولن يستطيع أي جسيم حتى فوتونات الضوء عبور أفق الحدث، ونتيجة لذلك فإن طاقة النظام سوف ترتفع لدرجة تؤدي لانهيار الثقب الأبيض وتكوين ثقب أسود في النهاية.

على الرغم من الفضول الذي يتملك العلماء حول الثقوب البيضاء، إلا أننا لم نستطيع عمليا إثبات وجودها حتى الآن، لكن يوجد تضارب بين النظريات الرياضية حول وجودها، ففي حين يُمكن وجودها طبقًا لنظرية النسبية العامة، فإن نظرية الديناميكا الحرارية تنفي إمكانية حدوث ذلك، فهل فعلًا توجد الثقوب البيضاء في الكون؟