نالَ جائزة أفضل ممثل عربي عن دوره في وراء الشمس.. بسام كوسا يصدر روايته “أكثر بكثير” فماذا نعرف عن الجانب الآخر من شخصية الفنان المبدع؟

عندما أبحث عن عمل عظيم وحقيقي يلامس قلبي وعقلي دائمًا أختار اسم المبدع بسام كوسا، هذا الإنسان الذي دخل بيوت وقلوب الجميع بحنكته الدرامية، فكان الأب لنا في مسلسل الفصول الأربعة، وصاحب النخوة والشهامة بدور نصار ابن عريبي في مسلسل الخوالي، وجعلنا نكرهه ونشمئز من تصرفاته في مسلسل ضبو الشناتي بدور خليل الرجل البخيل الذي يعتبر المال محور حياته، أما في مسلسل بيت جدي جعلنا نحتقر شخصية صبري أفندي الرجل الوضيع الذي يُغرق سكان حارته بالفتن والمشاكل.

كنا نحترمه بدور الأستاذ ونخشاه بدور البيك ونشفق عليه بدور الرجل الطيب والدرويش، في الحقيقة لا يمكن اختصار مسيرة الفنان بسام كوسا بسطور أو صفحات، لأن قيمته الدرامية محفورة بمحبة جمهوره الكبير من مختلف مناطق الوطن العربي، وفي هذا المقال سنبحث في الجانب الآخر من شخصية الممثل بسام كوسا.

قد يعتقد البعض أن بسام كوسا دمشقي الأصل بسبب شدة إتقانه التمثيل في مسلسلات البيئة الشامية، لكنه في الحقيقة من مواليد مدينة حلب العريقة حيث ولد في 7 تشرين الثاني عام 1954، درس في كلية الفنون الجميلة واختص بالنحت، كما عمل في المسرح الجامعي والقومي خلال مسيرته الجامعية وكان له مشاركات كثيرة في لجان تحكيم المهرجانات السينمائية.

كانت بداية مشواره الفني عام 1981 وكان له مشاركات في أفلام مهمة مثل فيلم "المتبقي" عام 1995، وبالرغم من أعمال المبدع بسام كوسا الكثيرة والمتنوعة إلا أنه تمكن من ترك بصمته في أدوار معينة فجعلنا نحبه مرة ونكرهه مرات أكثر، كما أنه تمكن من رفع بعض الأدوار إلى مستوى آخر عندما كان يمثل أدوارًا معقدةً مثل دور المدمن صالح محفوظ في مسلسل عصر الجنون تلك الشخصية التي تعاني من صراعات داخلية وأزمات نفسية مختلطة، فأبكانا وأضحكنا بنفس الدور وأظهر لنا صورة مختلفة عن مدمن المخدرات غير الصورة النمطية التي كانت مزروعة في عقول الجمهور، ولا يمكن أن ننسى أدواره في مسلسلات البيئة الشامية مثل دور نصار ابن عريبي في مسلسل الخوالي والمخرز في ليالي الصالحية وأهم أدواره في مسلسل باب الحارة وهو دور الإدعشري في الجزء الأول والذي بقي يرافقنا بالرغم من ظهور أجزاء كثيرة للمسلسل، وكان له مشاركات كوميدية مثل مسلسل قانون ولكن وبقعة ضوء وحارة على الهوا ومسلسل على المكشوف ودوره المميز في مسلسل ضبو الشناتي.

حاز الفنان بسام كوسا على الكثير من الجوائز العربية منها جائزة أفضل ممثل عن فيلم "المتبقي" في مهرجان طهران، وجائزة أفضل ممثل في مهرجان معهد العالم العربي بباريس عن فيلم ”الكومبارس”، كما حصل على جائزة أفضل ممثل عربي في مهرجان جوردان أووردز عن دوره في مسلسل “وراء الشمس”، وفي عام 2010 حصل على جائزة أدونيا كأفضل ممثل دور أول في مسلسل سحابة صيف ومسلسل وراء الشمس بالإضافة لجائزة أفضل ممثل عربي في مهرجان موريكس دور في نفس العام.

لا نستطيع أن ننكر أو نستهين بحضور هذا الفنان المميز لأنه يعتبر قامة فنية عظيمة تركت أثرًا واضحًا في الدراما السورية، وكان له دور فعال في تقدم حركة الفن السوري بسبب مساهماته التلفزيونية والسينمائية والمسرحية كما لقب بجوكر الدراما بسبب إتقان أدواره بالرغم من اختلافها وصعوبتها، فما الذي يخفيه هذا المبدع خلف قناع الجوكر؟

بالرغم من قوة حضوره وهيبته، إلا أن الفنان بسام كوسا هو شخص حساس ومثقف ويمتلك روحًا مرحة، ودائمًا ما نجده يلقي الدعابات مع الصحفيين ويغرقنا بابتسامته العفوية، فيجعلنا نبتسم مع كلماته وننصت إليها بكل عناية، كما اشتهر بمواقفه الحادة وتصريحاته القاسية فيما يتعلق بالمستوى الدرامي، فكان الناقد الأول لأي عمل لا يستوفي جميع الشروط الفنية، ويستنكر الأعمال التجارية غير المهنية التي تعتمد على ممثلين غير أكاديميين وغير موهوبين، كما أعرب عن أسفه في تصريحاته الأخيرة على حال الفن في سوريا خاصة والوطن العربي عامة، كما كان له انتقادات واضحة لعمل نقابة الفنانين السوريين واتهمها بأنها المسؤول الأول عن تراجع الدراما السورية ولجوئهم إلى شركات إنتاج خارجية والأعمال المشتركة، كما تحدث عن وجود شركات إنتاج لا أخلاقية لم يقبل بعروض العمل معها لأنهم عبارة عن تجار أزمة، واتهم بسام القائمين على النقابة باللصوص قائلًا: “طالما سمعنا أنهم يملكون الكثير من الأموال ولكن عندما تطلب منهم القيام بأي عمل يقولون لا نملك المال ويتحججون بذهاب الأموال لكن لا أحد يدري إلى أين”.

قام الفنان السوري بسام كوسا مؤخرًا بطرح روايته الأولى التي تحمل عنوان "أكثر بكثير" في غاليري جورج كامل في العاصمة السورية دمشق بحضور عدد من الفنانين والكتاب والشعراء الذين حرصوا على الحصول على نسختهم الخاصة والموقعة من صاحب الرواية، وهي تعتبر الرواية الأولى للفنان بسام كوسا بالرغم من أن له أعمال أدبية أخرى نشرها قبل سنوات وهي عبارة عن مجموعة قصص قصيرة حملت عنوان "نص لص"، وخلال تصريحاته لوسائل الإعلام عبر عن تجربته في طرح الرواية بأنها مغامرة وتجربة فريدة جدًا بسبب المخزون البصري في الأعمال التي قدمها سابقًا.

ووضّح أن الرواية أخذت منه سنتين لإنهائها بشكل كامل، كما قام بطرحها في البداية على أهل بيته زوجته وأولاده وجد وثائر الذين كانوا داعمين جدًا وحريصين على إبرازها بالشكل المطلوب، أما بالنسبة لعنوان الرواية فقال الفنان بسام كوسا إنه كان يملك عددًا من الخيارات الأخرى للعنوان لكنه في النهاية وجد أن عنوان "أكثر بكثير" هو الأنسب للعمل وليس له هدف أبعد من ذلك، فعند قراءة الرواية سيكتشف القارئ مدى ارتباطها بـ جوهر الرواية، وعند سؤاله عن هذا العمل فيما إذا كان يرتبط به شخصيًا وما الذي كان يريد إيصاله لجمهوره من خلال هذه الرواية، كان رده أن هذا العمل عبارة عن هواجس ومجموعة أفكار قام بصياغتها بقالب رواية، كما صرح بأن هذا العمل يمس حياتنا ويعبر عن كل ما نعيشه.

اقرأ أيضاً: وجوه جميلة ومواهب شبه معدومة.. لماذا تطفح الشاشة بالممثلين الجميلين غير الموهوبين؟