تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

كيف ابتعد المخرج كريم الشناوي عن فخ التكرار في “الهرشة السابعة” بعد “خلي بالك من زيزي”؟

كيف ابتعد كريم الشناوي عن فخ التكرار في مسلسل الهرشة السابعة بعد خلي بالك من زيزي
نهلة أحمد مصطفى
نهلة أحمد مصطفى

6 د

للعام الثاني على التوالي، يسيطر مسلسل المخرج كريم الشناوي على جميع وسائل التواصل الاجتماعي خلال عرضه داخل السباق الرمضاني، فالعام قبل الماضي كان "خلي بالك من زيزي" حديث الناس في كل مكان. وهذا العام لا يتوقف الحديث عن "الهرشة السابعة".

وبعد عرض كل حلقة تتحول صفحات "فيس بوك" و"تويتر" إلى جلسات نقاش واسعة جدًا تحلل وتناقش كل مشهد صغيرًا كان أم كبيرًا، وتتوسع حلقات النقاش تلك إلى تحليلات نفسية واجتماعية لشخصيات المسلسل، تمامًا كما كان يحدث مع "خلي بالك من زيزي".

يجب أن يكون وراء هذا الاحتفاء سر ما، وسبب أو أكثر يدفع المشاهدين للتعلق بأعماله الدرامية والإجماع عليها بهذا الشكل..فما هو إذًا؟ وما هي الخلطة السرّية التي يستخدمها الشناوي مع مريم نعوم وتصيب في كل مرة؟
هذا ما سنلقي عليه الضوء اليوم في "أراجيك فن" بالتفصيل في هذا المقال من خلال ثلاثة أسباب رئيسية يكمن فيها كل عناصر الجذب!

يعد مسلسل "الهرشة السابعة" هو التعاون الثاني "للشناوي" مع السيناريست مريم نعوم والثالث مع بعض أبطال المسلسل مثل "أمينة خليل" و"علي قاسم" و"أسماء جلال" ويبدو أنها التركيبة التي خلقت النجاح المبهر لـ "خلي بالك من زيزي" فقرر أن يستخدمها مرة أخرى هذه السنة، ولكن بالإضافة إلى ورشة سرد بقيادة مريم نعوم، وانضمام "محمد شاهين" و"حنان سليمان" إلى صفوف أبطال العمل.

يدور المسلسل حول "حكة السنة السابعة" وهو مصطلح وضعه علماء النفس بناءً على نظرية تقول إن الإنسان يميل إلى التغيير من شكل حياته وأفكاره وقرارته كل سبع سنوات، فينتج ذلك الشعور بالـ "حكة" نتيجة عدم الارتياح للوضع الحالي..لذا فهو يصف التغييرات التي تحدث للعلاقات الزوجية بعد مرور سبع سنوات والتي يعتقد البعض أن تخطيها أمر صعب للغاية، وهو بالتحديد ما يتناوله المسلسل.

ويتبع المسلسل فورمات الخمس عشرة حلقة، الذي بدأ يزيد انتشاره في السنوات الأخيرة، كأغلب الأعمال الرمضانية هذا العام، والذي بطبيعة الحال يجذب عددًا أكبر من المشاهدين الذين يفضلون هذا عوضًا عن متابعة ثلاثين حلقة.

فيديو يوتيوب

صراعات درامية من شخصيات واقعية

يقوم المسلسل هنا على نفس ديناميكية العلاقات التي كانت في مسلسل "الشناوي" الأخير، فبجانب بعض القصص الفرعية، يتعمق بشكل أساسي داخل ٣ أشكال من العلاقات الزوجية. أحدهما لزوج من كبار السن، وآخران في عمر الشباب، وتنطلق الدراما من طبيعة العلاقات بين الشخصيات، ودوافعهم، ورغباتهم.

في كلا المسلسلين، لم يعتمد صناعهما على وجود أحداث درامية مبالغ فيها، أو منعطفات درامية خارجية تدفع الشخصيات إلى شيء بعينه لخدمة أحداث المسلسل فيما بعد، لكنهم اعتمدوا بشكل كامل على رسم شخصيات واقعية بجميع جوانبها، ثم وضعهم في سياق درامي ما يسمح لهم بخلق تفاعلات نابعة عن تصادماتهم ببعضهم بعضًا، دون الحاجة لافتعال حبكة للوصول إلى نتيجة بعينها.

في "خلي بالك من زيزي" كان الصراع الأساسي قائم بداخل الشخصية الرئيسية، زيزي، التي تعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه "ADHD" وينعكس ذلك الصراع على حياتها فيخلق بعض الصراعات الخارجية مثل تلك التي مع طليقها "هشام"، ووالديها، أو حتى مع الرجل الذي تشعر أنها تنجذب إليه بمرور الوقت. وبجانب ذلك كان صراع والديها سويًا، وصراع "هدى" مع زوجها وطفلتها التي تعاني من نفس الاضطراب الذي تعاني منه زيزي.

فيديو يوتيوب

لم تحتج "مريم نعوم" سوى وضع تلك الشخصيات في نفس العالم، ثم تركتها لتخلق أحداثه بنفسها، وكان "الشناوي" يهيئ أفضل الطرق لالتقاط تلك الأحداث ووضعها في الإطارات المناسبة لإيصال كل حالة شعورية منفردة تخص كل حدث منها.

ثم قام الثنائي بنفس الشيء مع "الهرشة السابعة"، فيرصد "الشناوي" ٦ شخصيات داخل علاقاتهم الزوجية، ٦ شخصيات تختلف في الطباع والأفكار والآراء والتجارب والماضي، وفي مراحل مختلفة من علاقاتهم.

يكرس المسلسل في كل حلقة مشاهد لكل ثنائي على حدة، نظرة أقرب إلى تفاصيل حياتهم ومشاعرهم وكيف تتغير مع مرور السنوات..وكيف يمكن للزمن أن يؤثر عليهم. وهنا أيضًا الصراع الداخلي هو المؤثر بشكل كبير على شكل الصراعات الخارجية بين الشخصيات، فكل منهم عليه تخطي مشاكله الشخصية أولًا ليتمكن من تخطي أي مشكلة مع شريكه.

مجددًا، لا توجد هنا الدراما بشكلها المعتاد في أغلب الأعمال الاجتماعية المصرية، حيث تظهر المشاكل من العدم فقط لإثارة الأحداث وخلق ردود أفعال مجوفة، هدفها الوحيد هو التأثير العاطفي على المشاهد.. بل كل ما يحدث ليس له مسبب خارجي، ولكن بسبب أفعالهم الشخصية. كما أن الكتابة لا تخلق "بطلًا" و"شريرًا" من أي شخصية.

فجميع الشخصيات تقع في المنطقة الرمادية، لا توجد أصابع اتهام موجهة نحو أي منهم، ولا توجد أحكام عرفية أو أخلاقية عليهم. ولعل هذا هو أحد أهم الأسباب التي خلقت أعمالًا صادقة جعلت المشاهدين يلتفون حولها.


كتابة نسائية بامتياز

في كلا العملين، كانت عملية الكتابة تتم من خلال فريق نسائي بشكل شبه كامل. في "خلي بالك من زيزي" كانت "مريم نعوم" هي المشرف العام على الكتابة بينما فكرة المسلسل كانت لـ "منى الشيمي" ويشاركها في كتابة السيناريو والحوار "مجدي أمين".

وفي "الهرشة السابعة" كانت الفكرة لـ "مريم نعوم" والكتابة لورشة السرد التي تشرف عليها، ورئيسة فريق الكتابة كانت "دينا نجم" وجاءت كتابة الحلقات لكل من "راجية حسن" و"ندى عزت".

كما شاركت "مريم سعد" في تطوير الكتابة. ساعد هذا في وجود رؤية واقعية وحقيقية لكل الشخصيات النسائية، بداية من كتابة جوانب الشخصيات الاجتماعية والسيكولوجية، إلى مشاكلهن وطموحاتهن والعقبات التي يتعرضن لها بمختلف أشكالها وأنماطها لكنها في النهاية صادقة وحقيقية. ونتج عن ذلك التفاف عدد كبير من النساء حول كل من المسلسلين، وإجماع أغلب المشاهدات على أنهن رأين أنفسهن بشكل أو بآخر خلال تلك الشخصيات.

فالبعض يتلامس مع "نادين" الأم ذات التوأم والتي تطمح لساعة واحدة لنفسها وتنام دون وعي منها في أثناء غسل شعرها في الكوافير. ويرى بعضهن ملامح من تجربتهن في "زيزي" التي تحاول بشتى الطرق استعادة توازنها بعد تجربة طلاق مريرة ودعوى قضائية من المحكمة قد تدمر ما تبقى من استقرارها النفسي والمعنوي. أو تجربة "سلمى" التي تتلاقى مع كثير من القصص في الواقع، حيث تعاني من مشكال نفسية إثر علاقتها السيئة مع أهلها وتحاول تخطيها وبدء عائلة مع زوجها.


بصمات واضحة للجانب النفسي

ذو صلة

لا يمكن متابعة أي من المسلسلين "الهرشة السابعة" و"خلي بالك من زيزي" دون ملاحظة الوجود القوي والواضح للجانب النفسي في معالجة الشخصيات والأحداث. فالبيئة التي يدور فيها كل من العملين هي بيئة واعية لأهمية المرض النفسي وضرورة علاجه بل ومحاولة مراعاته في كل حدث، والكتابة فيهما تتعامل مع هذا الجانب باهتمام لكن دون جعله يبدو وكأنه شيئًا غير عادي أو مستحدثًا.

فمشهد الطبيب النفسي نراه في كل منها، مرة مع "زيزي" ومرة أخرى مع "سلمى"، ونرى مراعاة واهتمام كل من نادين وسلمى وآدم لنفسية كل من الطفلين بعد الطلاق، والمشاهد المخصصة لتعامل الشخصيات مع نوبات القلق التي تنتابهم أحيانًا، وشخصية "شريف" في الهرشة السابعة الذي يمتلك الوعي النفسي الكافي للتعامل مع المواقف أو الأزمات بشكل ملائم نفسيًا. كما أنه لا يتم التعامل مع أي منهم كمشاهد جمالية أو إضافية بل جزءًا من الأحداث ومؤثرة فيها وفي الخط الدرامي للعمل ككل.

وهذا ما جعل العلاقة بين كل منهما مع الجمهور أصبحت أقوى، فأغلب الأعمال الدرامية تتجاهل الجانب النفسي تمامًا وتخلق شخصيات أحادية لا تتأثر بأي حدث سوى بشكل جسدي أو شعوري فقط.. لذا فوجود تمثيل حقيقي لهذا الجانب في المسلسل جعل الرابط بينه وبين الجمهور يصل إلى مدى أعمق وحثهم على بناء مناقشات على المستوى النفسي التحليلي لكل شخصية.

هذه الأسباب الرئيسية، بجانب بصمة "الشناوي" الإخراجية واختياره للأغاني، التي تساند الحدث في إيصال المشاعر المطلوبة، بشكل عصري ومتوافق مع مختلف الأجيال، هي الخلطة السرية التي سبق ذكرها والتي جذبت الناس كلهم إلى عالم كريم الشناوي ومريم نعوم.

وعلى الرغم من تفاوت مستوى المسلسلين، وافتقاد "الهرشة السابعة" لخط حبكة أساسي واضح يربط باقي الأحداث ببعضها مما تسبب في وقوعه في فخ تكرار المشاهد والرتابة، إلا أنه لا يوجد خلاف على أنه المسلسل الأكثر سيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، محققًا نجاحًا جماهيريًا مذهلًا لا خلاف عليه.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة