تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

“صوت السينما” ليس حفلا فقط.. سفر عبر زمن الخالدات

حفل صوت السينما الأول من نوعه في مصر
نرمين حلمي
نرمين حلمي

7 د

في أجواء ساحرية تاريخية فريدة، استمتع اَلاف  العاشقين للطرب والكلاسيكيات، بتوليفة من أبرز وأفضل أغاني الأفلام المصرية القديمة في حفل “صوت السينما”، داخل ساحة “قصر عابدين” في القاهرة، حيث كانت ليلة فنية خاصة، دمجت عبق القرن الماضي مع نسائم المعاصرة.

العودة بالزمن لألحان وتوزيعات أشهر الأفلام المصرية لكبار النجوم في الوطن العربي، بالطبع كان يمثل تحديًا كبيرًا؛ ما بين جماهيرية هذه الأعمال التي شهد نجاحها جيل الخمسينيات والستينيات، ومناوشات الحاضر بزخم استخدام التكنولوجيا في الموسيقى، وما خلفته من سيمات التجديد والتغيير في الصناعة ذاتها.


بديع القصر وجمالية الأنوار

الدمج بين عنصري الماضي والحاضر، لم يتمثل في نوعية الأغاني المقدمة فحسب، بل في مكان إقامة حفل “صوت السينما” وطريقة العرض والتقديم أيضًا؛ حيث اختار القائمون تواجد المطربين والفرقة على خشبة المسرح بحضور حشد جماهيري كبير، من أمام بناء “قصر عابدين” الضخم، والذي يضم 500 غرفة و5 قاعات كبرى.

على الرغم من عراقة القصر الملكي الضخم، الذي كان شاهدا على أحداث سياسية واجتماعية، طبعت تاريخ مصر  ما يزيد عن 80 عامًا، إلا أن الحفل أقيم في حيز المسرح المكشوف خارجه، في الهواء الطلق، وفقًا للإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، واتخاذ المسافات الاَمنة بين الجمهور المرتدي للكمامات الوقائية.


أثناء تقديم النشيد الوطني وتحية العلم في حفل "صوت السينما" بقصر عابدين في مصر

تداخل الطراز الكلاسيكي للقصر البديع،الذي شيد عام 1872، مع ألوان إضاءات الحفل المختلفة، وكان لهما أثر بهي استثنائي، فضلا عن عرض بعض الصور القديمة للأفلام، والتذكير بصناع هذه الأعمال من طاقم الممثلين والمؤلفين والمخرجين والمطربين على الشاشة المرافقة للمسرح؛ أخذ ذلك الجهور في رحلة عبر الزمن، استدعت قصص الحب في الماضي، والحنين لأبطالها بالحاضر.

«أراجيك فن» حرصت على تغطية الحفل الأوركسترالي الأول من نوعه في مصر، ورصد أبرز اَراء أطراف الصناعة السينمائية بين الأجيال المختلفة؛ من نجوم ونقاد حول فكرة هذه التظاهرة الفنية، التي نالت قدرًا وفيرًا من الاهتمام الجماهيري، قبيل إطلاقها متم شهر أكتوبر الجاري تشرين الأول 2021.


“أغاني العندليب اعادت لي شبابي”

“أغانِي عبد الحليم حافظ تعيدني لذكريات كثيرة من حياتي وشبابي”..هكذا تستهل النجمة الكبيرة ميمي جمال ذات الـ 80 عامًا، وصفها لافتة إلى أنها دومًا ما كانت تتابع جديد أعمال العندليب فور طرحها قديمًا، ومع مرور الزمن وتعاقب السنوات بات أحد أهم عناصر الاستمتاع والاسترخاء بالنسبة إليها.

وتقول الممثلة المصرية القديرة في حديثها الخاص لـ «أراجيك»: “كل غنوة له تمثل فترة زمنية من حياة الإنسان؛ لم يشعر بها جيلكم بقدر ما تكون مؤثرة معنا”، وتستطرد ميمي جمال: “كلما استمعت له أسترجع فترة معايشتي لطرح أغانيه، سواء كانت داخل الفيلم أو خارجه”.


 ميمي جمال وابنتها نورا

ميمي جمال وابنتها نورا

“صوت السينما” الذي انطلقت فقراته عقب تحية العلم المصري، قدم أغانِي عبد الحليم حافظ، بقيادة أوركسترا المايسترو ناير ناجي، ومن أداء غنائي للمطرب المصري الكبير مدحت صالح؛ من خلال أغاني “بتلوموني ليه” (فيلم حكاية حب)، و”أنا لك على طول” (فيلم أيام وليالي) و”أهواك” (فيلم بنات اليوم).

تضمن الحفل مفاجأة، إذ قدما مدحت صالح وريهام عبدالحكيم ديو غنائي لأول مرة،  في أغنية “تعالي أقولك” التي غناها عبد الحليم حافظ وشادية في (فيلم لحن الوفاء)، واَخر لأغنية “حاجة غريبة” والتي شدى بها أيضًا “حليم” و”شادية” في (فيلم معبودة الجماهير).

هذه الثانئيات الغنائية نالت قدرًا وفيرًا من التفاعل الجماهيري والغناء والتصفيق، وكأنها تحقق شعبية جديدة تنافس في حدتها تلك التي سطعت في سماء النجومية خلال الأعوام الماضية، عقب طرح الفيلمين الناجحين السابق ذكرهما بدور عرض السينما التجارية.

وعن غناء مدحت صالح لـ عبد الحليم حافظ، تقول ميمي جمال إنها تحب سماع كل الأغاني القديمة بأداء وصوت مدحت صالح في حضور الفرقة الموسيقية، بالإضافة لأعماله الأصلية التي غناها في أفلام سينمائية مصرية حديثة، وقدم إحداهما في الحفل والتي تحمل اسم “النور مكانه في القلوب” (فيلم أمير الظلام)، معبرة عن إعجابها بصوتي “مدحت صالح وريهام عبد الحكيم” سيان.


جاذبية الديكور والأزياء

الحال نفسه مع المطربة المصرية ريهام عبدالحكيم والتي قدمت أغنيتها الأصلية “فيها حاجة حلوة” (فيلم عسل أسود)، والتي اشتهرت بها منذ طرح الفيلم سينمائيًا خلال عام 2010، وحققت نجاحًا ملحوظًا اَنذاك.


ريهام عبد الحكيم ومدحت صالح في حفل صوت السينما

كما فضلت تغيير ملابسها ما بين فقرات الحفل، لتظهر في النصف الأول من “صوت السينما” بفستان تغلب عليه درجات لوني الأصفر والأخضر، فيما طلت بلون زهري بفستان اَخر ملائم لأزياء البطلة التي تتغنى لها فور صعودها على المسرح بـ “أنا لسه صغيرة” والتي غنتها سعاد حسني في فيلم “صغيرة على الحب” عام 1966.

هذا التنوع كسر حواجز التنميط والملل خلال حفل “صوت السينما” والذي طالت مدته عن الساعتين من الزمن؛ تخللهما فاصل قصير لا يتجاوز النصف ساعة، مهتمًا بمعاصرة التجديد بضوء نوادر الماضي وإرثه.


أجيال على أرض واحدة 

وما بين العودة للكلاسيكيات واختلاف أساليب التلقي والتذوق الفني بين جمهور الحقبتين الزمنيين؛ دومًا ما يثار الجدل حول طموحات جيل الثمانينيات وتطلعات وفكر مواليد أواخر الألفية الثانية، إلا أن “صوت السينما” أستطاع أن يجمعهما على أرض واحدة.

وبهذا تلعب السينما دورًا حيويًا في تنشيط السياحة وتعزيز مكانة الموسيقى والأغاني وترويجها، بحسب وصف الناقد الفني المصري إيهاب التركي، الذي يؤكد أن هذه النوعية من الحفلات تتواجد طول الوقت في أمريكا وأوروبا، وتهتم بإعادة غناء أشهر أغاني وموسيقى الأفلام الاستعراضية بتوزيعات أوركسترالية.

يتابع التركي: ” وإن كانت هذه الحفلات يغلب عليها الاهتمام بالتوزيع الموسيقي أكثر، لأن السينما الغربية بها تراث موسيقي كبير وقديم، ومطربو الأوبرا مثل أندريا بوتشيلي والراحل بافاروتي، قدموا في حفلاتهم أغاني أفلام شهيرة حققت نجاحًا كبيرًا”.


شاشة عرض من حفل صوت السينما

ويقول “التركي” في تصريح خص به  “أراجيك”: “فكرة حفل “صوت السينما” رائعة لأن جزء كبير من تراث السينما المصرية صنعه الأغاني والمطربون، وأهم أعمال بدايات السينما كانت مع عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد وفريد الأطرش ومحمد فوزي وعبد الحليم حافظ وغيرهم”.

يلفت الناقد إلى أن السينما ساهمت في تطوير شكل الأغنية، وكانت وسيلة لانتشارها، وإعادة تقديم هذه الأغاني في حفلات حية بأصوات مبدعة مثل مدحت صالح وريهام عبد الحكيم يعيد أغاني التراث إلى الجمهور المعاصر.


التكاملية في أغاني زمان

في نفس السياق، يؤكد محمد عبد الرحمن، رئيس المركز الصحفي للدورة الـ 43 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إحدى أقدم وأهم المهرجانات الفنية في الشرق الأوسط، على أهمية هذا الحدث والذي يعزز من دور السينما في السوق الموسيقي والغنائي، ويأتي في إطار الرغبة المستمرة بإحياء التراث الفني المصري.

ويقول الناقد والصحفي المصري في تصريحات صحفية خاصة لـ “أراجيك”: “الحفل يعد بمثابة إعادة تأكيد لأهمية الأغاني في الأفلام بسينما الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، واَلية استخدامها كعنصر جاذب أو مروج عكس ما يحدث الاَن”.

يلفت لتوجه صناع بعض الأفلام الجديدة لاستغلال الأغاني في التسويق أكثر من التوظيف الدرامي الجيد، لكن السينما زمان ما قبل انتشار التلفزيون كانت مثل “وجبة فنية متكاملة من دراما وغناء ورقصات استعراضية، لجمهور لم يملك الكثير من الاختيارات اَنذاك للوصول لهذه التكاملية”.

يضيف  عبد الرحمان قائلا: “ما يزيد من أهمية هذه الأعمال، أنها ليست كلها أغاني طرحت في ألبومات منسوبة إلى المطربين، أو تم بثها على أمواج الإذاعة، لذلك فإن تقديمها خلال حفلات وتذاع لاحقا على الشاشات، سيحيي هذه الأغاني من جديد”


من حفل صوت السينما في قصر عابدين شاشة عرض

واوضح المتحدث أن هذه الفوائد تهم استعادة ذكريات الجمهور، ومقارنة الأداء الأصلي مع نظيره للمطربين الجدد، كما تدعو هذا الجيل إلى مشاهدة الأفلام القديمة لرؤية السياق الفني الذي قدمت فيه هذه الأعمال لأول مرة، بالإضافة لميزة أخرى وهي تقديمها للباحثين والدارسين كأنك تقدم لهم أرشيف الأغاني والأفلام مرة أخرى، وهو ما يتيح المادة الكافية للمقارنة البحثية بين اللحن والموسيقى والفرق بين الأصوات والأداء قديمًا وحديثًا.


“نحن شعب يحب الغناء” 

يتفق النقاد المصريون على أن “قصر عابدين” يعد اختيارًا جيدًا لإقامة الحفلات الغنائية والموسيقية، والذي لا يفقد من مكانته التاريخية على الإطلاق، ويتمنون تكرارها سواء بتقديم مونولوجات أو أغاني الأفلام القديمة بتوزيعات حديثة في مسارح بعدة محافظات، كما يصف الناقد السينمائي المصري محمود عبد الشكور: “نحن شعب يحب الغناء”.

يرى عبد الشكور أنه لا يوجد إشكالية فنية تجاه تقديم هذه الأغاني العربية الشهيرة للأفلام المصرية القديمة بتوزيعات جديدة،  موضحًا قوله: “لا مشكلة في التجديد لأن الأصل موجود، فلنترك الفرصة للتجارب الجديدة ثم نحكم والجيل الجديد تقبل الأغاني القديمة عندما تم توزيعها”.

ذو صلة

ويختم عبد الشكور تصريحه لـ “أراجيك” بالقول: “إن فكرة الحفلات عمومًا عظيمة، وزمان كانت حفلات أضواء المدينة في كل محافظات مصر، وكانت الموسيقات العسكرية تعزف أيام الإجازة في الحدائق العامة “، متمنيًا أن يكون هناك أنشطة ثقافية وغنائية في كل مكان والناس ستذهب، كما يحدث سنويًا في مهرجان الطبول أو مهرجان القلعة الموسيقي أو مهرجان الفنون الشعبية في الإسماعيلية.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة