تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

“الفتى السيء”.. ما الذي يجمع بين الأسطورتين مارتن سكورسيزي ومايكل جاكسون؟

مايكل جاكسون ومارتن سكورسيزي أراجيك فن
ساندي ليلى
ساندي ليلى

14 د

جزيرة شاتر، الرفاق الصالحون، سائق التاكسي، والإيرلندي.. هذه ليست مجرد أسماء عشوائية، إنما هي عناوين لتحف سينمائية خالدة أبدعها مخرج مشاغب ذكي لا مثيل له إنه مارتن سكورسيزي.

على مر الأعوام نجح "سكورسيزي" في فرض بصمته الخاصة على هوليوود كمخرج بارع يستمتع بإثارة الجدل في كل فيلم يقدمه، إنه أسطورة هوليوودية حقيقية وسيد من أسياد الصناعة ولا تهاون عنده في حقيقة أن السينما هي أرقى أنواع الفنون، إذ أنه أثار سخطاً واسع المدى منذ أعوام قليلة عندما عبر عن نظرته لأفلام الأبطال الخارقين معتبراً أنها "ليست سينما".

فالسينما عند العجوز الرائع هي قصة أسطورية ملحمية تحوي عبرة حياتية ورغم أنه مشهور بأفلام العصابات التي يتفنن فيها مثل The Departed و The Goodfellas.

وفي الواقع قام بإخراج أفلام رائعة ملحمية جدلية كـ The Wolf of Wall Street فيلم الكوميديا السوداء المستوحى من مذكرات رجل الأعمال السابق جوردن بلفورت وبالطبع الفيلم الأكثر جدلية The Last Temptation of The Christ الذي وضعه على لائحة الفاتيكان السوداء بسرعة غير المسبوقة بعدما اعتبره كثيرون مهيناً لشخص المسيح لكن فتى هوليوود المشاغب كان أكبر من هذه الادعاءات واستمر في مسيرته الإخراجية المتميزة مثبتاً أنه مخرج من الطراز الرفيع.

لا يبدو أن للعمر أي تأثير على حماس وموهبة مارتي ففي العام السابق قدم لنا أفضل هدية يمكن لأحد تصورها إنه فيلم Killers of The Flower Moon الذي تحدث وللمرة الأولى في تاريخ السينما الأمريكية من وجهة نظر الأمريكيين الأصليين حيث دارت أحداث الفيلم الرائع حول المجزرة الدموية التي حلت بقبيلة الأوسيدج بعدما اكتشف النفط في أراضيهم.

حقق الفيلم نجاحاً غير المسبوق رغم مدة عرضه الطويلة وأثار جدلاً كبيراً، فسكورسيزي أصر على أن الفيلم سيكون مهتماً بإبراز وجهة نظر السكان الأصليين ومعاناتهم من سطوة وطمع الرجل الأبيض ولم يكترث بتقديم تبرير لما فعلوه من جرائم، كما أنه قدم لهوليوود هدية لا تقدر بثمن ممثلة جميلة موهوبة من السكان الأصليين تدعى ليلي غلادستون والتي نتوقع ونتمنى في "أراجيك" أن تنال الأوسكار بعد الأداء الأسطوري الذي رأيناه منها في الفيلم.

ليلي ليست الوحيدة التي تنافس على الأوسكار فالفيلم نفسه اكتسح مع أوبنهايمر الترشيحات ومارتن سكورسيزي نال ترشيحه العاشر عن فئة أفضل مخرج ليصبح ثانِ أعلى مخرج ترشيحاً بعد الراحل ويليام ويلر الذي نال 12 ترشيحاً ويبدو أن هذا العام هو عام مارتي العجوز بجدارة.

فقد أعلن منظموا مهرجان برلين السينمائي أن سكورسيزي سيكرم بأرفع جوائز المهرجان وهي جائزة الدب الذهبي الفخرية ذلك عن مسيرته المهنية الأسطورية وهو تكريم مهم بالطبع فمهرجان برلين السينمائي أحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم.

كما أن سكورسيزي حظي بتكريم آخر إذ أنه ومنذ بضعة أيام أعلنت جمعية الملحنين وكتاب الأغاني أنها ستقوم بتكريم سكورسيزي والراحل روبي روبرتسون بجائزة روح التعاون في حفل توزيع جوائز SCL في 13 فبراير فسكورسيزي تعاون مع روبرتسون في مجموعة من أهم أعماله آخرها كان "قتلة زهرة القمر" الذي اكتسح الأوسكار.

في الواقع عندما تفكر بمارتن سكورسيزي فإن أفلامه الرائعة ستكون أول ما سيخطر في بالك لكن؛ هل كنت تعلم أن المخرج الأسطوري قام بإخراج فيديو غنائي على هيئة فيلم قصير لواحد من أشهر مغني البوب على الإطلاق؟ نعم هذا صحيح نحن نتكلم عن الملك شخصياً الراحل مايكل جاكسون.

قد يبدو لك الأمر غريباً أو حتى طريفاً؛ فما الذي يمكن أن يجمع بين الأسطورتين؟ وما السبب في هذا التعاون؟ وكيف أثر في العالم الموسيقي والسينمائي على حد سواء؟

أسئلة كثيرة سنجيب عليها مع مقالنا المخصص للاحتفاء بنجاح هائل يليق بمخرج أسطوري يصعب أن يتكرر مارتن سكورسيزي، لن نذكر اليوم في "أراجيك فن" الأفلام الرائعة التي قدمها مارتي إنما سنصب تركيزنا على الفيلم القصير المذهل الذي أخرجه لصالح أسطورة البوب مايكل جاكسون والذي حمل عنوانا مميزاً تحول إلى رمز ملحمي إنه Bad!


الفتى السيء يجمع الأسطورتين 

فيديو يوتيوب

إن Bad ليس مجرد فيديو غنائي فحسب بل هو فيلم قصير يحتوي على أهم عناصر الفيلم القصة، تدور قصة الفيلم حول داريل الذي يجسده مايكل جاكسون الطالب في المدرسة الثانوية الذي خرج من حيه الفقير ليدخل مدرسة خاصة فاخرة تاركاً حياته السابقة خلفه، يعود داريل إلى الحي وهناك يلتقي برفاقه القدامى المتمردين على الحياة والـ "سيئين" الذين يصرون على أن داريل تخلى عنهم وأنه أصبح مختلفاً منسلخاً عن حيه وقومه.

لكن داريل لم يتغير كثيراً أو هكذا كان يعتقد ولإثبات ذلك يحاول سرقة رجل عجوز فقير في محطة قطار مهجورة لكنه غير القادر على فعلها مما يضعه في موقف صعب للغاية مع رفاقه خاصة زعيم العصابة الذي يتهم داريل أنه ليس سيئاً على الإطلاق، حتى هذه اللحظة كانت كل مشاهد الفيلم بالأبيض والأسود.

لكن فجأة تضج الشاشة بالألوان الصاخبة فلو كنت قد نسيت سكورسيزي يذكرك، هذا مايكل جاكسون مخترع رقصة مشية القمر، وكما أن سكورسيزي هو سكورسيزي فمايكل جاكسون هو مايكل جاكسون، حركات راقصة رائعة تمتزج مع ألحان الأغنية الرائعة.

ولا بد من كثير من الأبازيم والجلد والقفازات اللامعة بالطبع يرقص داريل/مايكل لحوالي ست دقائق تقريباً مخبراً رفاقه القدامى أنه ما زال سيئاً لكن بطريقته الخاصة التي لا تشبه طريقتهم، لاشك أن للموسيقى سحر لا يضاهيه سحر فرفاقه الغاضبون يبدأون الغناء والرقص معه لينتهي الفيلم بهم مقتنعين بوجهة نظره تاركين داريل وحيداً في المحطة. 

يبدو الفيلم مزيجاً رائعاً من الفيلم الموسيقي الشهير West Side Story بأسلوب الرقصات وتصميمها مع استكشاف فوضوي لنيويورك التي يعشقها سكورسيزي بشدة، حتى لو لم تكن تعرف أن Bad من إخراج سكورسيزي فروحه الكلاسيكية واضحة بطريقة لا تترك مجالاً للشك بأن سكورسيزي هو من أبدع ما نراه هنا.

بزوايا التصوير الواسعة وحركة الكاميرا السريعة والاختلاف اللوني بين القصة والأغنية لقد وضع سكورسيزي كل ثقله الإخراجي لأجل ملك البوب محولاً أغنيته إلى تحفة لا تنسى وإبداع آخر يضاف إلى سلسلة إبداعاته المستمرة منذ عقود. 

 لقد كان Bad عملا مذهلاً جمع بين أسطورتين هما مايكل جاكسون صاحب الصوت الحالم والرقصات الأسطورية المفتقد بشكل لا يوصف، ومارتن سكورسيزي الذي لا يزال حتى في الثمانينات من عمره قادراً على إذهالنا بموهبة إخراجية لا تتكرر في الزمن نفسه مرتين.

احتوى Bad على كل ما يلزم ليكون تحفة قصة رائعة أغنية مذهلة رقصات مصممة بإتقان راقصون بارعون لقد كانت الأغنية نفسها جذابة حقيقية بشكل لا يصدق ولم يكن Bad مجرد فيديو غنائي طويل نوعاً ما إنما هو فيلم قصير رائع استطاع أن يحقق نجاحاً خيالياً لا تزال أصداؤه تتردد حتى اليوم بعد أعوام من خسارة عالم البوب لملكه الأسطوري. 


أكثر من مجرد فيديو غنائي! 

كان لفيلم Bad عمق نفسي فلسفي واضح يصعب تفويته وهذا أمر طبيعي من أي عمل يضع مخرج فذ كسكورسيزي يده فيه، لقد ناقش الفيلم القصير فكرة تخاطب الشبان في كل عصر وفي كل زمان الهروب من القوقعة التي يرغمك المجتمع على التواجد ضمنها أو باختصار التنميط.

فلو نظرنا إلى الفيلم نظرة متجردة من المعرفة الغنائية سنجد أمامنا مراهقاً أسود البشرة هارباً من هارلم إلى مدرسة خاصة فاخرة محاولاً أن يحقق طموحات تتجاوز أن يكون مجرد زعيم عصابة وغد آخر، لو لم تكن تعرف كيف كانت هارلم في الثمانينات فلنقل أنها لم تكن منطقة سياحية فاخرة بأي شكل بل كانت منطقة خطرة تعج بالعصابات والفقراء الذين يكادون لا يجدون ما يسد رمقهم.

لذا كان من الصعب حقاً الخروج من ذلك الجحيم لتحقيق أي طموح لكن داريل فعلها ودخل مدرسة خاصة ودرس باجتهاد كبير ليحقق شيئاً لنفسه، لكنه وبالنسبة لرفاقه أدار ظهره لعالمه الحقيقي وأصبح نسخة مشوهة من نفسه ولم يعد واحداً منهم.

لقد أبدع سكورسيزي في استخدام الألوان فالانتقال من الأسود والأبيض إلى الألوان الفاقعة والرقصات المتحمسة يمكننا من استنتاج أن كل ما حدث كان في خيال داريل وكان محاولة منه لشرح ما في داخله بأفضل لغات العالم الموسيقى، فلو دققت النظر ستجد أنه وفور انتهاء داريل من الغناء والرقص عادت الشاشة للون الأسود والأبيض من جديد لقد أراد داريل أن يبلغ رفاقه السابقين أنه ما زال "سيئاً".

لكن بطريقته الخاصة التي لا تتضمن سرقته لأحد أو إطلاق النار أو أي فعل نمطي آخر يتوقع أن يصدر منه وكلمات الأغنية الرائعة تؤكد هذه النظرية الطريفة، تقنية سكورسيزي تذكرنا بعبقري آخر هو منافس سكورسيزي الأقوى كريستوفر نولان الذي استخدم الألوان للتفريق بين خطوط السرد في آخر تحفه Oppenheimer يبدو أن العباقرة يتشابهون في أفكارهم.

ربما حمل الفيلم والأغنية اسم "سيء" لكن هذا لم ينطبق على أي منهما، لقد كان السيء فيلماً رائعاً بقصة حقيقية صادقة تمس واقعاً لا يزال موجوداً منذ الثمانينات وحتى اليوم، ويحمل القليل من سحر قصة الحي الغربي الشهيرة والكثير من سحر مايكل جاكسون الذي يصعب حقاً ألا تحب رقصاته وحركاته الرشيقة.

وبالطبع الكثير من لمسات مخرج مبدع قدم للعالم تحفاً لا تنسى، لمسات تراها في كل زاوية بميزانية بلغت في تلك الأعوام 2 مليون دولار، حقق الفيلم القصير Bad نجاحاً أسطورياً يقترب من نجاح أسطوري آخر هو Thriller الذي كان شيئاً خارجاً من عالم الأساطير عند طرحه ولا يزال حتى اليوم علامة فارقة في تاريخ الموسيقى. 

لقد كان Bad طفرة حقيقية في عالم الفن بأكمله ولا يزال وبعد أربعين عاماً قادراً على إذهالنا وإمتاعنا بصور بصرية لافتة وموسيقى رائعة تندمج مع الصوت الذي أسر قلوب العالم لأعوام طويلة، صوت تفتقده الصناعة الموسيقية أكثر فأكثر عاماً بعد عام لكن هناك سؤالاً في غاية الأهمية يسرنا الإجابة عنه خلال السطور التالية.


ما الذي يجمع بين "سكورسيزي" و"جاكسون"؟

في فترة الثمانينات كان مايكل جاكسون يعيش ذروة مسيرته المهنية خاصة بعد إصدار Thriller التي كانت أكبر وأهم أغنية في ذلك الوقت مما وضع ملك البوب تحت ضغط حقيقي.

إما أن يقدم شيئا يماثل Thriller أو لا يقدم شيئاً على الإطلاق، لقد كانت مرحلة مصيرية على الصعيد المهني أما على الصعيد الشخصي فكان وضع جاكسون أشد حساسية إذ تسببت شهرته المنفردة في خلق توتر مع أشقائه وعائلته وفي عام 1984 قطع جاكسون كافة روابطه مع المجموعة العائلية The Jacksons متطلعاً لبدء مسيرته الغنائية الفردية.

لو أنك بحثت عن صور مايكل جاكسون ستجد نفسك أمام شخصين مختلفين تماماً؛ فتى أسود البشرة وسيم الملامح بضحكة واسعة معدية ورجل أبيض ممسوخ الملامح لا يشبه مايكل جاكسون الشاب بأي شكل.

إن لهذا التغير قصة مؤسفة للغاية ففي عام 1984 وأثناء تصوير جاكسون لإعلان تجاري يخص شركة بيبسي في كاليفورنيا تعطلت إحدى الألعاب النارية واشتعلت النار في شعر ووجه جاكسون الذي أصيب بحروق شنيعة من الدرجة الثانية والثالثة تركت ندوباً كثيرة في وجهه، أثناء تعافيه من هذه الإصابات تم وصف مجموعة من مسكنات الألم والمهدئات لمساعدة جاكسون على التعافي من آلامه الكبيرة لكن بدون حذر مما أوقعه في هوة الإدمان الذي قضى على حياته لاحقاً.

كان جاكسون بحاجة ماسة لعودة قوية لا لأجل جمهوره الواسع فقط لكن لأجل نفسه، إن أسوأ ما قد يواجه أي إنسان هو أن ينظر للمرآة دون أن يعرف الوجه الذي يقابله لقد بدأ وجه جاكسون يتغير بسبب الحادث وبسبب مرض البهاق الذي جعل سواد بشرته أقل مما أثار تكهنات واتهامات بكونه يبيض بشرته.

كان البهاق مدمراً لنفسية جاكسون التي زادها سوءاً الاتهامات المتوالية بأنه لم يعد رمزاً للشباب السود وأنه انسلخ عنهم بعدما كان رمزاً لنجاحهم وقدوة حقيقية لهم، كان جاكسون في حالة مزرية عزلته تتزايد وإدمانه يتفاقم لا نعلم حقاً ما الذي كان ليحصل لو لم يلتق جاكسون بموهوب آخر مخرج مشاغب سبب صداعاً لا ينتهي لهوليوود مارتن سكورسيزي، لربما ما كنا لنستمتع بموهبته الرائعة كل تلك الأعوام. 

في الثمانينات كان سكورسيزي مخرجاً رائعاً قدم تحفة لا تنسى مع صديق عمره روبرت دي نيرو هي 1976 Taxi Driver الذي ورغم شعبيته الكاسحة أثار استياء نقدياً أوسع بحجة أنه شديد العنف يحرض على حمل السلاح وبدا أن سكورسيزي سيكون مخرج أفلام عنف وإثارة لا أكثر.

بعدما قدم أفلاماً مثل Mean streets 1973 و Raging Bull 1980 الذي يتناول سيرة حياة الملاكم الأمريكي جيك لاموتا، رغم النجاحات الهائلة التي حققها سكورسيزي إلا أنه كان محصوراً في فئة الإثارة والعنف فقط، لذا فقد وجد أن إثارة غضب أكبر وأقوى سلطة دينية في العالم هو أفضل شيء يمكن فعله لدعم مسيرته السينمائية كمخرج.

فقدم عام 1988 أكثر أفلامه جدلية The Last Temptation of The Christ المأخوذ عن رواية نيكوس كازانتزاكس التي تحمل نفس الاسم، كان ردة الفعل تجاه الفيلم مرعباً بلا شك وتوالت الاتهامات شديدة اللهجة والقسوة تتهم سكورسيزي بالتجديف والإلحاد وتم منع عرض الفيلم في عدد كبير من الدول كما عبر الفاتيكان عن غضبه الشديد ورفضه لتصوير المسيح بهذه الطريقة.

كان يمكن أن يكون آخر إغراء للمسيح مو آخر عمل لسكورسيزي لكن ولحسن حظنا تمكن سكورسيزي من النجاة بمهتنه وبحياته إذ أنه ولأعوام ظل يتحرك برفقة حراس شخصيين خوفاً على حياته فالمساس بالعقائد الدينية أمر محفوف بالمخاطر حتى لو كنت مارتن سكورسيزي شخصياً.

رغم أن الفيلم يعد من عيون السينما العالمية إلا أنه وحتى يومنا هذا يعتبر تجديفاً مريعاً وسقطة مهنية في مسيرة سكورسيزي الحافلة بالنسبة للمتدينين.

لقد كان الرجلان بحاجة ماسة للنجاح والخروج من أزمة مهنية وشخصية ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد كانت مصائب مارتي ومايكل شديدة الفائدة على عالم الفن كاملاً فخرج لنا فيلم Bad كصرخة احتجاج من مايكل جاكسون الذي وقع ضحية لتنمر الصحافة أعواماً بسبب تغيرات وجهه التي لا ذنب له فيها والتي لا تغير أبداً من حقيقته وشخصيته وأثره الكبير على الشباب في مجتمع السود.

فمهما كان لون بشرته أو ندوب وجهه مايكل جاكسون هو مايكل جاكسون بصوته الرائع ورقصاته الأسطورية إنه سيد مشية القمر حتى لو اضطره المرض لوضع المكياج وتغيير لون بشرته بلا أي ذنب منه، أما فتى هوليوود المشاغب مارتي الذي كان شاباً آنذاك.

فقد وجد في الفيلم القصير فرصة رائعة للسخرية من منتقديه، فلو أنك دققت قليلاً في الفيلم سترى ملصق مطلوب الخاص بالمجرمين عليه صورة سكورسيزي مكتوب عليه "مطلوب بتهمة تدنيس المقدسات" فقط مارتن سكورسيزي يستطيع تحويل تهديد بالموت إلى نكتة.

لقد كان Bad أفضل ناتج يمكن تصوره من اجتماع موهبتين ظلمهما المجتمع بتعقيداته وقوانينه وتحولت Bad من أغنية رائعة إلى رسالة عالمية متحررة من الزمن، وصرخة احتجاج من مخرج مشاغب ذكي رفض الانصياع لرغبات مجتمعه مؤكداً أن الفن حر من كل اعتبارات حتى لو كانت دينية، وشاب موهوب كادت موهبته أن تحرقه حرفياً مؤكداً للعالم كله أن موهبته شيء مستقل بشكل كامل مطلق عن شكله الخارجي.

رحل مايكل جاكسون عن الحياة، مدمناً محطماً أبيض البشرة، تاركاً خلفه إرثاً موسيقياً أسطورياً لا ولن ولم يتكرر، أما سكورسيزي ذلك الشاب المشاغب الموهوب فقد أصبح عجوزاً مشاغباً موهوباً يذهلنا باستمرار بأعماله الرائعة التي تضم وبكل فخر فيلماً قصيراً من بطولة ملك البوب مايكل جاكسون.


لكن سكورسيزي ليس أول من فعلها 

حقق Bad عند صدوره نجاحاً فورياً ساحقاً أعاد ملك البوب إلى المسار الصحيح بعدما أثبت أنه أكبر من كل النكسات التي ألمت به ولا شك أن لمسات مارتن سكورسيزي الساحرة كان لها أثر كبير في هذا النجاح الفائق المستمر منذ أربعة عقود.

لربما بدا لك الأمر غريباً في البداية أن يكون هناك تعاون بين مخرج أفلام ومغني بوب، لكن وفي الواقع سكورسيزي لم يكن الأول وقطعاً لم يكن الأخير فالامتزاج بين عالمي السينما والموسيقى ليس بالجديد حقاً، ففي الواقع كان هناك تعاون أسطوري آخر بين أسطورة سينمائية أخرى هو ديفيد فينشر والملكة مادونا.

سواء كنت تحب مادونا أو لا تحبها فإن تأثيرها على عالم الموسيقى أمر لا جدال فيه، ولا نبالغ لو قلنا أن مادونا هي المعادل الأنثوي لمايكل جاكسون في التسعينات أطلقت مادونا أغنية سحرت العالم كله وأصبحت رمزاً موسيقياً لا يضاهى إنها أغنية Vogue. 

فيديو يوتيوب

الرائعة وما زاد من سحر الأغنية أن الفيديو الخاص بها كان من إخراج الأسطوري ديفيد فينشر الذي أذهلنا بأفلام مثل Fight Club و Se7en وغيرها الكثير، حتى يومنا هذا لا يزال Vogue أحد أكثر المقاطع الموسيقية شهرة لمادونا إذ يعتبر الفيديو الأكثر صدقاً في تجسيد شخصيتها وموسيقاها.

أمًا صوفيا كوبولا الموهوبة التي أبدعت العام الماضي في فيلم Priceline وألقت عن طريقه نظرة غير المعهودة لملك الروك أند رول إلفيس بريسلي، فقد تركت أثراً حقيقياً ملموساً في عالم الفيديوهات الموسيقية؛ إذ أنها أخرجت الفيديو الخاص بأغنية I Just Don't Know What To Do With Myself.

فيديو يوتيوب

عام 2003 حيث كانت كايت موس شخصياً بطلة الفيديو بأجواء رائعة تليق بمخرجة The Virgin Suicide فالموسيقى عنصر مهم جداً في عالم كوبولا السينمائي، لذا فإن وجود فيديو موسيقي رائع ضمن مسيرتها المهنية الفريدة ليس بأمر صادم على الإطلاق.

في الختام يمكن القول إن مقاطع الفيديو الموسيقية أشبه بمساحات استرخاء وتجربة للمخرجين المبدعين فهي أقصر طولاً وأكثر حرية لكنها لا تقل إطلاقاً عن أعمالهم السينمائية أهمية.

لربما كان مايكل جاكسون هو أول من يتيح الفرصة أمام صانعي الأفلام للولوج إلى العالم الموسيقي وكانت بداياته مع جون لانديس الذي أذهل العالم في Thriller وعاد بعد أعوام بتعاون أسطوري آخر مع مارتن سكورسيزي الذي قدم كل ما بوسع موهبته الفذة لأجل جاكسون المحطم الساعي لاستعادة ألقه في ذلك الوقت.

إن أجمل ما في الفن أنه لا يموت ولعله الشيء الوحيد الخالد في هذا العالم الغريب المتسارع الذي نحيا فيه، فها نحن ذا وبعد أربعين عاماً ما زلنا نذكر مايكل جاكسون مبدع موسيقي أسطوري لم يقلل الموت من سحره وبقيت موهبته وموسيقاه نابضة بالحياة حتى بعد رحيله.

ذو صلة

أمًا مارتن سكورسيزي فلا زال هنا معنا مشاغباً رائعاً موهوباً يستحق وبجدارة كل هذه التكريمات المتتالية ولا يزال قادراً على المنافسة بقوة وشراسة في الأوسكار ومن يدري قد يتوج بها هذا العام ففي هوليوود كل شيء يمكن أن يحدث.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة